للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (٢) وقوله: ورفْعَ نية نهارًا أو أكلًا أو شُرْبًا بفم فقط - رفع: مفعول به لتعمد، وأكلًا أو شربًا عطف عليه - دليله عند المالكية في إيجاب الكفارة بالأكل والشرب، ما أخرجه الموطأ عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا. فقال: لا أجد. فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ من تمر فقال: "خُذْ هذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ". فقال: يا رسول الله، ما أجد أحوج مني. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: "كُلْهُ".

قال أبو الوليد الباجي: الفطر يكون بأحد ثلاثة أشياء؛ بداخل: وهو الأكل والشرب. أو بإيلاج: وهو مغيب الحشفة في الفرج وهوائه. أو بخارج: وهو المني والحيض. فهذه معان يقع بجميعها الفطر وإفساد الصوم. فإذا وجد شيء من ذلك في يوم من رمضان فسد الصوم، سواء كان بعذر أو بغير عذر. فأمَّا المعذور فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وأما غير المعذور، فإن الكفارة تلزمه بذلك كله عند مالك، على أي وجه وقع فطره من العمد والهتك لحرمة الصوم. وقال أبو حنيفة مثل قولنا في ذلك كله، إلا خروج المني بغير إيلاج فإنه لا كفارة عليه عنده. وقال الشافعي: لا كفارة على من أفسد صومه بشيء من ذلك إلا بالإيلاج. والدليل على ما نقوله؛ أن هذا قصد إلى الفطر، وهتك حرمة الصوم بما يقع به الفطر، فوجبت الكفارة كالمجامع، فإذا ثبت ذلك، فالفطر بالداخل هو الواقع بالأكل والشرب، وما وصل إلى الجوف من الفم على وجه الاختيار، والقصد إلى وضعه في الفم وازدراده مما يقع به الاغتذاء. ا. هـ. منه. بلفظه.

قلت: وذهب إلى الأخذ بقول مالك هذا - بوجوب الكفارة بالأكل والشرب عمدًا - أبو حنيفة والثوري وابن المبارك وإسحاق، غير أن الدليل إلى جانب من أوجبها بالإيلاج فقط؛ لورود النص فيه دون غيره، ولأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي برجل نشوان في رمضان، فضربه الحد وسيره إلى الشام. قالوا: وكان عمر إذا غضب على أحد سيره إلى الشام، فلو أن الكفارة تلزم بغير الجماع في رمضان لألزمه عمر ذلك. وهذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا. بلفظ: وقال عمر لنشوان في رمضان: ويلك، وصبياننا صيام؟! فضربه. قال ابن حجر: وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور والبغوي في الجعديات، من طريق عبد الله بن أبي الهذيل: أن عمر بن الخطاب - أتي برجل شرب: =

<<  <  ج: ص:  >  >>