للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= التخيير. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. ذكره الباجي وقال: إذا قلنا الكفارة على التخيير، فقد روى ابن الماجشون عن مالك أنه قال: الإِطعام أفضل. وجرى عليه العراقيون. ووجه ذلك أن الإِطعام أعم نفعًا؛ لأنه يحيى به جماعة لا سيما في أوقات الشدائد والمجاعات. ا. هـ. منه.

قلت: وأكثر أهل العلم على أن كفارة رمضان على الترتيب مثل الظهار، فعليه عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد، فعليه أن يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع، فعليه أن يطعم ستين مسكينًا. والدليل على الترتيب لفظ الحديث المتقدم المتفق عليه: "هَلْ تَسْتَطِيعُ أن تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ ". قال: لا. قال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ". قال: لا، قال: "فَهَلْ تَسْتَطِيْع أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ ". قال: لا.

ولا يخفاك ما في هذه الرواية التي هي في قمة الصحيح من الترتيب بالفاء. وإذا رجعنا إلى المقارنة بينها وبين رواية الموطإ، وجدنا أن كلا الروايتين مروية عن الزهري، وقد رجح الجمهور رواية الترتيب، بأن الذين رووه عن الزهري أكثر ممن روى التخيير.

وقوله: لكلٍّ مد، دليله حديث الأعرابي، لأن في بعض رواياته عن هشام بن سعد عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: فأوتي بعرق قدر خمسة عشر صاعًا. وفيه دلالة من حيث الظاهر أن طعام الكفارة مد لكل مسكين، لا يجوز أقل منه، ولا يجب أكثر منه؛ لأن خمسة عشر صاعًا إذا قسمت بين ستين يخص كل واحد منهم مد. وإلى هذا ذهب مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد. وكذلك في جميع الكفارات إلا فدية الأذى يجب فيها لكل مسكين مدان؛ لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه المتفق عليه. وفيه: "أَوْ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ".

(٥) وقوله: وهو الأفضل، هو مبني على مذهب التخيير في كفارة رمضان بين العتق والصوم والإطعام، وقد تقدم نقلنا لكلام الباجي: وإذا قلنا أن الكفارة على التخيير، فقد روى ابن الماجشون عن مالك أنه قال: الإِطعام أفضل. ووجه ذلك أن الإِطعام أَعم نفعًا، لأنه يحيى به جماعة لا سيما في أوقات الشدائد والمجاعات - إلى أن قال: والمتأخرون من أصحابنا يراعون في ذلك الأوقات والبلاد، فإن كانت أوقات شدة مجاعة فالإِطعام عندهم أفضل، وإن كان وقت خصب ورخاء فالعتق أفضل. ا. هـ. منه =

<<  <  ج: ص:  >  >>