للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا أوْ شَديدَ أذىً (١)؛ كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتئْجَارٌ أوْ غَيْرهُ، خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهمَا. والأجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ ثُمَّ هَلْ فِي مَالِ الْأب أوْ مَا لِهَا؟. تأويلَان (٢).

= على أن القرآن أباح الفطر للمريض مطلقًا. قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (١).

(١) وقوله: ووجب إن خاف هلاكًا أو شديد أذىً، قال الدردير: ووجب الفطر لمريض وصحيح إن خاف على نفسه - بصومه - هلاكًا أو شديد أذىً؛ كتعطيل منفعة من سمع أو بصر أو غيرهما، لوجوب حفظ النفس. وأما الجهد الشديد فيبيح الفطر للمريض قيل: والصحيح أيضًا. ا. هـ. منه.

قلت: واللّه تعالى يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢). ويقول تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٣).

(٢) وقوله: كحامل ومرضع ألخ. قال في جواهر الإكليل هنا: كحامل جنينًا في بطنها، ومرضع لم يمكنها استئجار لمرضع ترضع ولدها؛ لعدم مال أو لعدم مرضعة أو لعدم قبول ولدها لغيرها، ولم يمكنها إرضاعه بنفسها. والحال أنها - أي المرأة الحامل أو المرضع - خافت ضررًا بالصوم على ولدها، فيجوز الفطر إن كان الضرر المخوف يسيرًا، وأما إن كان خوف هلاك أو شديد أذىً، فإنه يجب الفطر عليها. قال: وإذا كانت الشدة مبيحة للفطر من المريضر، فالحامل والمرضع أولى بذلك. ا. هـ. منه بتصرف.

قلت: دليل الرخصة في الإِفطار للحامل والمرضع، ما أخرجه البغوي بسنده عن أنس بن مالك - رجل من بني عبد الله بن كعب - قال: أغارت علينا خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يتغدَّى فقال: "ادْنُ فَكُلْ". فقلت: إنِّي صائم. فقال: "ادْنُ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّوْمِ - أَوِ الصِّيَامِ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنِ الْحَامِلِ والْمُرْضِع الصَّوْمَ، أَوِ الصَّيَامَ". والله لقد قالهما النبي - صلى الله عليه وسلم - كليهما أو أحدهما، فيا لهف نفسي أَلَّا أكون طعمت من طعام النبي - صلى الله عليه وسلم -. ا. هـ. وهذا الحديث رواه الترمذي، وأخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم. قال =


(١) سورة البقرة: ١٨٤.
(٢) سورة الحج: ٧٨.
(٣) سورة البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>