للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَضَاءَهُ. وَفِي وُجُوب قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلافٌ (١)

(١) وقوله: وإتمامه إن ذكر قضاءه، هو مفرع على وجوب الصوم بالشروع، وهو المذهب عند أصحابنا، علمًا بأن القاعدة أن النفل لا يجب بالشروع، كما عقده الشيخ عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي في مراقي السعود بقوله:

والنفل ليس بالشروع يجبُ

غير أن أصحابنا أخذوا من قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (١). الآية، أن من شرع في عبادة وجب عليه إتمامها. قال في مراقي السعود:

قف واستمع مسائلًا قد حكموا … بأنها بالإِبتداء تلزم

صلاتنا وصومنا وحجنا … وعمرة لنا كذا اعتكافنا

طوافنا مع ائتمام المقتدي … فيلزم القضا بقطع عامد

قلت: وهذا اللزوم هو على سبيل الاحتياط، استنباطًا من الآية آنفة الذكر، وإلا فقد وردت آثار بعدم وجوب إتمام ذلك، ففي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء أن ابن عباس كان لا يرى بأسًا أن يفطر إنسان التطوع، ويضرب لذلك أمثالًا: رجل طاف سبعًا، فقطع ولم يوفه فله ما احتسب. أو صلى ركعة ولم يصل أخرى بعدها فله ما احتسب. أو يذهب بمال يتصدق به، ويتصدق ببعضه وأمسك بعضه. ا. هـ.

وفي المصنف كذلك: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس قال: الصوم كالصدقة؛ أردت أن تصوم فبدا لك، وأردت أن تصدق فبدا لك. ا. هـ. وفيه أيضًا: عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية، أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه يومًا: ما ترون عليَّ؟. فإني أصبحت اليوم صائمًا، فرأيت جارية لي فوقعت عليها؟. فقال عليَّ: صمت تطوعًا فأتيت حلالًا، لا أرى عليك شيئًا. ا. هـ. وفيه غير ذلك مما يشهد لما ذكرنا. والله الموفق.


(١) سورة محمد: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>