للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا إن أمن ضيعتهم. قال الحطاب هنا نقلًا عن ابن رشد: لأن الله تعالى أوجب عليه نفقتهم في ماله، كما أوجب عليه الحج فيه، فهما حقان لله تعينا عليه في ماله، فإذا ضاق عنهما ولم يحمل إلا أحدهما، وجب عليه أن يبدأ بنفقة الولد لئلا يهلكوا، لأن خشية الهلاك عليهم تسقط عنه فرض الحج، كما لو خشي الهلاك على نفسه. ا. هـ. منه.

قلت: وهذا الاجتهاد تؤيده القاعدة العامة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: لا بدين أو عطية أو سؤال مطلقًا، قال الحطاب عند قول المؤلف: لا بدين أو عطية ما نصه: يعني أن من لا يمكنه الوصول إلى مكة، إلا بأن يستدين مالًا في ذمته، ولا جهة وفاء له، فإن الحج لا يجب عليه؛ لعدم استطاعته. وهذا متفق عليه. وأما من له جهة وفاء فهو مستطيع، إذا كان في تلك الجهة ما يمكنه به الوصول إلى مكة - إلى أن قال:

وقوله: أو عطية يعني به أنه إذا أعطي له مال يمكنه به الوصول إلى مكة، على جهة الصدقة أو الهبة، فلا يقبله ويحج به؛ لأن الحج ساقط، وظاهر كلام صاحب الطراز أنه متفق عليه أيضًا لما في ذلك من تحمل المنة.

قلت: بل لأن أسباب الوجوب لا يجب على أحد تحصيلها. قال في ألفية مراقي السعود، لشيخ مشائخنا الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي ثم الشنقيطي:

وما وجوبه به، لم يجب … في رأي مالك وكل مذهب

وبالله تعالى توفيقي، عليه توكلت هو حسبي ونعم الوكيل.

وقوله: أو سؤال مطلقًا، يعني أن من لم يمكنه وصول مكة إلا بسؤال الناس مطلقًا، إنه لا يعدّ بذلك مستطيعًا، ولا يجب عليه الحج. ويعني بالإطلاق في قوله: أو سؤال مطلقًا؛ سواء كان السؤال عادته في بلده أو لا، وسواء كان عادة الناس إعطاءه أو لا. قال شيخنا في أضواء البيان: ومن الأدلة الدالة على ذلك عموم قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} (١). الآية. ومعلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وقد ثبت في صحيح =


(١) سورة التوبة: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>