للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَّا حَاجٌّ أو مُعْتَمِرٌ أو غَازٍ فِي سَبِيلِ اللهِ". انظر الحطاب في هذا المحل.

وأما قول المؤلف: إلا أن يغلب عطبه، فهو داخل في قول المؤلف قبل: وأمن على نفس ومال.

وأما قوله: أو يضيع ركن صلاة لكميد، فمعناه أن شرط ركوب البحر - فأحرى لغيره - أن يعلم الراكب أنه يوفي بصلاته في أوقاتها، من غير أن يضيع شيئًا من فروضها، وهذا ليس خاصًا بالبحر، بل هو شرط في وجوب الحج مطلقًا. قال في المدخل. قال علماؤنا: إذا علم المكلف أنه تفوته صلاة واحدة إذا خرج إلى الحج فقد سقط الحج. ا. هـ. من الحطاب.

قلت: والجو مثل البر والبحر في جواز ركوبه، واتخاذه وسيلة للوصول في أمن إلى مكة المكبرمة لأداء فريضة الحج، والاستئناس في ذلك بدلالة الاقتران في قوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (١). فإن اقتران الامتنان بهذا الخلق، الذي لا يعلم في ذلك الوقت بالامتنان بالمركوبات، يدل على أنه من جنس المركوبات، علمًا بأن ركوب الجو اليوم أقل خطرًا من ركوب سفن البر، إن لم نقل: وسفن البحر، وبإمكان الراكب أداء صلاته في الطائرة بكل أركانها. ولشيخنا محمد الأمين بن محمد المختار عليه رحمة الله تعالى، رسالة في جواز الصلاة بالطائرة. ومن التحدث بنعمة الله أن نقول: إنه لم يسبق أن ضاع لنا وقت فيها، على كثرة ركوبنا لها، والله المحمود على ذلك. وهو الموفق.

وعجبي لا ينقضي من أناس بموريتانيا، معلوماتهم لا تخولهم جواز الفتيا، وتجاربهم محدودة جدًّا، يفتون العامة بعدم جواز ركوب الطائرة لأداء فريضة الحج؛ لاحتمال ضياع وقت للصلاة فيها، علمًا بإطلاقهم الإذن في ركوبها مطلقًا في الحوائج الدنيوية، وقد فات هؤلاء أن قول المرء على الله ما لا يعلم هو طاعة للشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢). الآية. أما علم هؤلاء المفتون المفتنون أن الحجاج باستطاعتهم أن يشترطوا على شركة الطيران التي يجري التعاقد معها لنقل الحجاج، التوقف في محطة كذا لأداء الفريضة التي =


(١) سورة النحل: ٨.
(٢) سورة البقرة: ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>