للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وعَصَى (١). وفُضِّلَ حَجٌّ عَلى غَزوٍ إلَّا لِخَوْفٍ (٢). ورُكُوبٌ، ومُقَتَّبٌ، وَتَطَوُّعُ وَليِّهِ عَنْهُ بِغَيْرهِ؛ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ (٣). وإجَارَةُ ضَمَانٍ على بَلَاغٍ فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ، وتَعَيَّنَتْ فِي الإطْلَاقِ كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ (٤).

(١) وقوله: وصح بالحرام وعصى، هذا مذهب الجمهور. قال به مالك والشافعي وأبو حنيفة خلافًا لابن حنبل. وإنما عبر المصنف بقوله: صح، ولم يقل: وسقط؛ ليشمل ذلك الفرض والنفل، فإن الحكم بالصحة يشملهما، والسقوط خاص بالفرض. والمأخذ هنا من مسائل الاجتهاد. قالوا: وجاز اجتماع الصحة والعصيان لانفكاك الجهة، لأن الحج أفعال بدنية، وإنما يطلب المال ليتوصل به إليه، فإذا فعله لم يقدح فيه ما تقدمه من التوصل إليه.

وقال ابن حنبل: لا يجزئه لأنه سبب غير مشروع، وهذا جار على نحو ما تقدم عند قول المصنف في الصلاة: وعصى وصحت إن لبس حريرًا ألخ.

ونقل الحطاب عن ابن فرحون في مناسكه قولًا عن مالك بعدم الإجزاء، وأنه وقف بالمسجد الحرام ونادى: أيها الناس. من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس، من حج بمال حرام فليس له حج. أو كلام هذا معناه. ا. هـ. منه.

تنبيه: يجب على من يريد الحج أن يحرص على أن تكون نفقته حلالًا لا شبهة فيها، وما أصعب ذلك اليوم، وذلك لقوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (١). وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٢). وقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (٣) ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِللهُ الطَّيِّبَ". الحديث المتفق عليه. ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم: "إنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبُ لَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ". ولما نقله الحطاب عن القرطبي في شرح مسلم أن الصديق رضي الله عنه شرب جرعة لبن فيه شبهة وهولا يعلم، فلما علم استقاءها فأجهده ذلك، فقيل له: أكلّ ذلك في شربة لبن؟. فقال: والله لو لم تخرج إلا بنفسي لأخرجتها. سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَولَى بِهِ".

قال الحطاب: وإذا كانت الحال هذه، فسبيل المرء أن يتقي الله في سره وعلانيته، وأن =


(١) سورة البقرة: ١٩٧.
(٢) سورة المائدة: ٢٧.
(٣) سورة البقرة: ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>