للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= - أو تسوى - ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ حِجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةً". رواه ابن ماجة. وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عائشة أخاها عبد الرحمن رضي الله عنهما، فأعمرها من التنعيم، وحملها على قتب. رواه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم. ا. هـ. منه.

قلت: الخلاف في أفضلية الركوب في الحج أو المشي، يتخرج على قاعدة أصولية؛ وهي أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التي تقتضيها الجبلّة البشرية، لا تدخل في حد السنة إلا في ملامح الصفة؛ مثل الأكل والشرب والركوب والاضطجاع، فإن الخلقة البشرية تطلب هذه الأمور، فليس لقائل أن يقول. الأكل سنة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يأكل. بل السنة في ذلك ملامح صفات أكله؛ من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل بيمينه، وبثلاثة أصابع، وربما استعان بالرابع، إلى غير ذلك.

ولذلك كان كلما اقترنت عبادة بفعل من أفعاله الجبلّية، جرى الخلاف فيها؛ كالركوب في الحج، فمن قال: سنة. يقول: لأنه - صلى الله عليه وسلم - ركب في حجه وقال: "لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ". ومن قال: غير سنة. يقول: ركب لأن الطبيعة البشرية تقتضي ذلك. وهذا التفصيل هو ما عناه شيخ مشائخنا في ألفية مراقي السعود بقوله في كتاب السنة:

وفعله المركوز في الجبلّه … كالأكل والشرب فليس مِلَّه

فالحجُّ راكبًا عليه يجري … كضجعة بعد صلاة الفجر

أي ويجري الخلاف بموجب هذه القاعدة، في أفضلية الركوب في الحج، وفي سنية الضجعة بعد صلاة ركعتي الفجر قبل صلاة الصبح، فمن يقول هي سنة، قال: لدوامه - صلى الله عليه وسلم - عليها. ومن قال: هي غير سنة يقول: لأنها استراحة جبلية من تعب قيام الليل. وبالله التوفيق.

ولذلك فقد جرى الخلاف وصار له وجه من النظر.

قال القرطبي: لا خلاف في جواز الركوب والمشي، واختلف في الأفضل منهما؛ فذهب مالك والشافعي في آخرين إلى أن الركوب أفضل، وذهب غيرهم إلى أن المشي أفضل. ولا خلاف أن الركوب في الموقف بعرفة أفضل. واختلفوا في الطواف والسعي؛ فالركوب عند مالك في المناسك كلها أفضل؛ للاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الحطاب: وكلامه الأخير يوهم أن الركوب =

<<  <  ج: ص:  >  >>