وأما الدليل على أن دم التمتع ليس على أهل المسجد الحرام، وكذلك دم القران، فهو قوله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(٢). قال البغوي: والعبرة بالمقام لا بالمولد والمنشإ، حتى أن المكي إذا كان مقيمًا بالعراق فخرج وتمتع، وجب عليه الدم، ولو أقام عراقي بمكة فلا دم عليه. ا. هـ. منه بتصرف قليل.
وقوله في القارن: ولا يسعى، هو ما عليه جمهور العُلماء بأن القارن يكفيه سعي واحد وطواف واحد لحجه وعمرته. قال به مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايات عنه. ودليله ما ثبت في صحيح مسلم قال: حدثني محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا وهب، حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه، عن عائشة رضي اللهُ عنها أنها أهلت بالحج، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجَّكِ وَعُمْرَتِكِ". الحديث، ففيه التصريح بأنها كانت محرمة أولًا، ومنعها الحيض من الطواف، فلم يمكنها أن تحل بعمرة فأهلت بالحج مع عمرتها الأولى فصارت قارنة، ومع ذلك قال لها - صلى الله عليه وسلم - أنها يكفيها طواف لعمرتها وحجها. وفي حديث جابر في صفة حجة الوداع قال: ثم أهللنا يوم التروية، ثم دخل رسول اللهُ - صلى الله عليه وسلم - على عائشة فوجدها تبكي فقال:"مَا شَأْنُكِ"؟. قالت: شأني أني قد حضت، وقد حل الناس ولم أحْلِلْ ولم أطُفْ بِالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن. فقال:"إِنَّ هذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلي ثُمَّ أهلِّي بِالْحَجِّ". ففعلت ووقفت المواقف، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة. ثم قال:"قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجَّكِ وَعُمْرَتِكِ جَميعًا". قالت يا رسول الله، إنِّي أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججتُ. قال:"فَاذَهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرحْمنِ فَأعمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ". وذلك ليلة الحصبة. وهذا الحديث =