= أن الركن الثالث من الأركان التي تشترك فيها الحج والعمرة هي السعي، وهو آخر أركان العمرة.
وصفته أن يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، حالة كونه مؤديًا بينهما سبعة أشواط؛ يقف على هذه أربعًا وعلى هذه أربعًا. ودليل ذلك قوله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}(١).
قال البغوي: قال الأزهري: الشعائر: المعالم التي ندب الله إليها، وأمر بالقيام بها.
والدليل من السنة فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في حديث جابر وفيه: ثم استلم الركن، ثم خرج فقال:" {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} نَبْدَأ بِمَا بَدَأ اللهُ بِهِ". فأتى الصفا، ورقي عليه حتى بدا له البيت، ثم وحَّد الله وكبَّره، وقال:"لَا إِلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ، لَا شَريكَ لَه، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ". ثم مشى حَتَّى إذا انصبت قدماه، سعى حتى إذا أصعدت قدماهُ، مشى حتى أتى المروة، ففعل عليها كما فعل على الصفا حتى قضى طوافه. الحديث.
وفي حديث أخرجه البغوي في السنة عن عطاء بن أبي رباح، عن صفية بنت شيبة قال: أخبرتني بنت أبي تِجْرَاةَ - إحدى نساء بني عبد الدار - قالت: دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حُسين، ننظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسعى بين الصفا والمروة؛ فرأيته يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي، حتى لأقول: إني لأرى ركبتيه. وسمعته يقول:"اسْعَوْا فَإِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ".
وإخرج البغوي أيضًا بسنده عن قدامة بن عبد الله بن عمار قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى بين الصفا والمروة على بعير، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك، إليك. ا. هـ.
والحاصل أنه بموجب هذه الأدلة الثابتة من فعله - صلى الله عليه وسلم - وضميمة ذلك إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ". ثبت وجوب الطواف بين الصفا والمروة في الحج والعمرة. وقال بعض أهل العلم: إنه ركن لا يتحلل المحرم بالحج ولا بالعمرة إلا به، وأنه لا يجبر بشيء. وهذا قول عائشة وابن عمر، وجابر، وبه قال الحسن، وإليه ذهب مالك والشافعي وإسحاق، وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: على من تركه مِن دم. وحجتهم قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ =