= قبل أن يطلع الفجر - فقد أدرك الحج. وفيه أيضًا: عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قال: من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة، ولم يقف بعرفة، فقد فاته الحج، ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة، قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك الحج. ومعلوم أن هذا مما لا مجال للرأي فيه، وإذًا فإن له حكم الرفع. وبالله تعالى التوفيق.
وقوله: ولو مرّ، قال المواق هنا: قال ابن القاسم: من مر بعرفة مارًا بعد دفع الإِمام ولم يقف بها، أجزأه إن نوى بمروره وقفًا. قال ابن المواز: ولو كان وقوفه بها وهو لا يعرفها لم يجزه. من ابن يونس.
قلت: ولعل حديث عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي، يرد على ابن المواز، فيما عزاه لابن يونس لأن في لفظه: أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟. فهذا اللفظ ظاهر في كونه لا يعرف عرفة، ويسأل: هل إن وقف بها بالصدفة في وقت الوقوف، يكون مجزيًا عنه في حجه؟. ومعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له:"مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هذِه، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ قَبْلَ ذلِكَ بِعَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ". رواه أصحاب السنن الأربعة، وأحمد. وهو حجة من قال أن نهار يوم عرفة وقت للوقوف. والله تعالى أعلم وأحكم.
وقوله: أو أخطأ الجم بعاشر فقط، يريد - والله تعالى أعلم - أنه إذا أخطأ جميع أهل الموقف، فوقفوا بعاشر ذي الحجة في نفس الأمر ظانين أنه التاسع، وتبين بعد ذلك أنه العاشر، فإنه يجزئهم، ومحل الإِجزاء إن كان الخطأ واقعًا من الجميع، وكان الوقوف واقعًا بالعاشر فقط، لا بالثامن ولا بالحادي عشر.
قلت: والله تعالى أعلم، إن هذا اجتهاد في محل النص، مقدوح فيه بالقادح المعروف بفساد الاعتبار، الذي تقدمت الإِشارة إليه في كتابنا هذا المبارك عدة مرات. وإن مراقي السعود عقده بقوله:
والخلفُ للنص أو اجماع دعا … فساد الاعتبار كلُّ من وعى
يتحصل أنه ورد النص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا أخطأ الناس العدد؛ فوقفوا في غير ليلة عرفة =