= رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى مائة بدنة؛ فأمرني بلحومها فقسمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم بجلودها فقسمتها. ا. هـ.
قال البغوي: وهذا الحديث دليل على أن ما ذبح قربة لله تعالى لا يجوز بيع شيء منه، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجوّز أن يعطى الجزار شيئًا من لحم هديه في مقابلة عمله، وكذلك ما ذبح لله تعالى من أضحاة وعقيقة ونحو ذلك، ولا مانع من أن يعطى الجزار شيئًا من لحومها يتصدق به عليه، أما لأجل عمله فلا.
وقال مالك: يجوز أن يأكل المتمتع من هدي التمتع، ومن كل هدي وجب عليه، إلا من فدية الأذى، وجزاء الصيد، والمنذور. وقال الشافعي: يأكل من هدي التطوع فقط، ومن تطوع الأضحية، أما ما كان واجبًا بالشرع من الهدي؛ مثل دم التمتع، والقران، والواجب بإفساد الحج، وفواته، وجزاء الصيد، فلا يجوز له أن يأكل منه شيئًا. وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر، بل يتصدق بجميع ذلك.
وقد ورد في أكل لحوم الهدي قوله تعالى في سورة الحج:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا}(١). الآية.
ومن حديث جابر عند مسلم والبخاري: كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"كُلُوا وَتَزَوَّدُوا". فأكلنا وتزودنا. وورد في الهدي إذا عطب، ما رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه، أن صاحب هَدْي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف أصنع بما عطب من الهدي؟. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قِلَادَتَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا". وروى عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية الخزاعي، قال: قلت: يا رسول الله، كيف أصنع بما عطب من البدن؟. قال:"انْحَرْهَا ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا". =