= قلت: وهذا ليس مما التزمت به؛ لأنها مسائل اجتهادية بحتة لا نص فيها. فالله أعلم بها. وجزى الله أئمة الاجتهاد خير الجزاء.
تذييل: تأمل قول المصنف - رحمة الله عليه - في الركن الرابع من الحج: وللحج حضور جزء عرفة ساعة لية النحر، ولو مر إن نواه، أو بإغماء قبل الزوال، أو أخطأ الجم بعاشر فقط، يريد بقوله: فقط: إنه إن كان وقوفهم وقع خطأ في الثامن، فإنه لا يجزئهم. وقد وقفت على نص المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل في الموضوع. قال: وإن أخطأ الناس؛ فوقفوا في غير يوم عرفة، أجزأهم. قال ابن مفلح في المبدع في شرح المقنع هنا: وإن أخطأ الناس في غير يوم عرفة؛ كالثامن والعاشر، أجزأهم. نص عليه؛ لما روى الدارقطني بإسناده عن عبد العزيز بن عبد الله بن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُعَرِّفُ النَّاسُ فِيهِ". قال: وذكر الشيخ تقي الدين خلافًا في مذهب أحمد؛ هل هو يوم عرفة باطنًا، على أن الهلال اسم لما يطلع في السماء، أو لما يراه الناس ويعلمونه؟. والثاني الصواب؛ ويدل عليه لو أخطؤوا لغلط في العدد، أو في الطريق ونحوه، فوقفوا العاشر، لا يجزئهم إجماعًا، ا. هـ. منه.
انظر - رحمك الله - إلى أين وصل التناقض بين المذهبين في هذه المسألة. أمَّا أصحابنا فإنهم قد قصروا الإِجزاء على المخطئ الواقف بالعاشر فقط، وأمَّا السادة الحنابلة فقد حكى بعضهم الإِجماع على بطلان من وقف بالعاشر وإن كان الجم الغفير. أليس الخيار أن يتبع في ذلك ما ورد فيه سند إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟. قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}(١) الآية. أما الكتاب فلم يرد فيه شيء في محل النزاع، وأما السنة فقد أخرج الدارقطني في سننه ما نصه: نا أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الجنيد، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن السفاح بن مطر، عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُعَرِّفُ النَّاسُ فِيهِ". وحدثنا محمد بن عمرو بن البختري، نا أحمد بن الخليل، نا الواقدي، نا ابن أبي سبرة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عَرَفَةُ يَوْمَ يُعَرِّفُ =