= فإذا تقرر ذلك، فاعلم أن الاستنباط من فحوى الآيتين الكريمتين مقدوح فيه بالقادح المسمى بفساد الاعتبار، الذي قد نوهنا عنه مرارًا في هذا الكتاب المبارك؛ وذلك بوجود نصوص صريحة في الموضوع الذي وقع فيه الاجتهاد، ذلك أنه روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخَّص في لحوم الخيل. متفق عليه.
وروي عن أسماء رضي الله عنها: ذبحنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا - ونحن بالمدينة - فأكلناه. متفق عليه. أخرجه البخاري في ثلاثة مواضع. وأخرجه مسلم.
قال ابن قدامة: وأباح لحوم الخيل أحمد. وبه يقول ابن سيرين، وروى ذلك ابن الزبير والحسن، وعطاء، والأسود بن يزيد. وبه قال حماد بن زيد، والليث، وابن المبارك، والشافعي، وأبو ثور. قال سعيد بن جبير: ما أكلت شيئًا من مَعْرَفَةِ برذَون. قال البغوي: وأباحه شريح، وحماد بن أبي سليمان، وإسحاق.
قال ابن قدامة: وأما الآية فإنما يتعلقون بدليل خطابها، وهم لا يقولون به، وحديث خالد ليس له إسناد جيد. قال أحمد: وفيه رجلان لا يعرفان، يرويه ثور عن رجل غير معروف، وقال: لا ندع أحاديثنا لمثل هذا الحديث المنكر. ا. هـ. منه.
(١) وقوله: والمكروه سبع، قال المواق: من المدونة: قال مالك: لا أحب أكل السبع ولا الثعلب، ولا الذئب ولا الهر الوحشي ولا الإِنسي ولا شيئًا من السباع. وروى العراقيون من المالكية عن مالك أن السباع أكلها على الكراهة من غير تمييز ولا تفصيل، وهو ظاهر المدونة. وقال ابن حبيب: لم يختلف المدنيون في تحريم لحوم السباع العادية: الأسد، والنمر، والذئب، والكلب. وأما غير العادية: كالثعلب والضبع والهر الوحشي والإِنسي فمكروهة دون تحريم. قاله مالك وابن الماجشون. ا. هـ. منه.
قال الحطاب: قال الشيخ أبو عمر ابن عبد البر: الصحيح تحريم الكلاب والسباع العادية، وهو مذهب الموطإ. قال: ولم أر في المذهب من نقل إباحة الكلاب. اهـ. منه. =