= الآية: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يضيفه، ولا يقريه، فلا بأس أن يقول: لم يضيفني، ولم يقرني. أخرجه الطبري. قالوا: والأولى حمل الآية على عمومها، فيدخل فيها من لم يقر، أو أسيء قراه، أو نيل بظلم في نفسه، أو ماله، أو عرضه.
وعن عقبة بن عامر أنه قال: قلنا يا رسول الله، إنك تبعثنا، فننزل بالقوم، فلا يقروننا فما ترى؟. فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ". متفق عليه، وظاهر هذا الحديث يدل على أن قرى الضيف واجب. وهو مذهب الليث. وقال الإِمام أحمد: قرى الضيف واجب على أهل البادية دون القرى. وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة. وأجابوا عن الحديث بأنه محمول على المضطرين - أحسن ما قيل فيه - وقيل فيه غير ذلك، غير أن أبا داود أخرج من حديث المقدام بن معدي كرب مرفوعًا:"لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ مَحْرُومًا، كَانَ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ". وإسناده صحيح. قال ابن حجر في تلخيص الحبير: إسناده على شرط الصحيح.
ويستحب للضيف إذا فرغ من الأكل أن يدعو لصاحب الطعام، ففي أبي داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى سعد بن عبادة، فجاءه بخبز وزيت، فأكل، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائمُون، وأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ". قال شعيب: وإسناده صحيح. ا. هـ.
ويستحب الأكل بثلاث أصابع، لما روى كعب بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع، ولا يمسح يده حتى يلعقها. رواه الإِمام أحمد. وروي عن أحمد أنه أكل خبيصًا بكفه كلها. وروي عن عبد الله بن بريدة أنه كان ينهى بناته أن يأكلن بثلاث أصابع وقال: لا تشبَّهن بالرجال.
ويستحب للرجل عدم القيام عن السفرة، وعدم رفع اليد حتى يرفع القوم؛ لما روي عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ فَلَا يَقُمْ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ، ولَا يَرْفَعْ يَدَهُ وَإِنْ شَبعَ، حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ. فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَليسَهُ فَيَقْبِضَ يَدَهُ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ". =