للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ (١)، وَذَبْحُهَا بِيَدِهِ وَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا، وَجَمْعُ أكْلٍ

= قال شيخنا في أضواء البيان: ودليل الجمهور ظاهر، لكن دليل مالك أخص في محل النزاع لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يضح إلا بالغنم. والخير كله في اتباعه في أقواله وأفعاله؛ وما جاء عنه من تفضيل البدنة ثم البقرة، ثم الكبش الأقرن، لم يأت في خصوص الأضحية، والله تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (١). ا. هـ. بلفظه.

(٣) وقوله: وترك حلق وقلم في عشر ذي الحجة، وهو المذهب عند الشافعي، ورواية عن بعض أصحاب أحمد؛ فقد حملوا النهي الوارد في حديث أم سلمة رضي الله عنها على الكراهة، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّي". رواه مسلم. وذلك بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه.

(١) وقوله: وضحية على صدقة وعتق، هو قول ربيعة وأبي الزناد والإِمام أحمد، ويستدل له بعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا إليها، وأيضًا بما روي عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ الْنَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ إِرَاقَةِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَيؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ عَزَ وَجَل بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا". رواه ابن ماجه. قالوا: ولو قدمت الصدقة على الأضحية لأدى ذلك إلى إماتة سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: وذبحها بيده، دليل استحبابه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه ضحى بكبشين أقرنين أملحين ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضَع رجله على صفاحهما. أخرجه مسلم عن أنس، وقد نحر ست بدن بيده، ونحر من بدنه التي أهداها في حجة الوداع ثلاثًا وستين بدنة بيده ولأنه فعل قربة، فالأولى مباشرته من الاستنابة فيه، فإن أناب من يذبح عنه جاز ذلك لفعله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه أناب عليًا لينحر باقي بدنه بعد أن نحر هو منها ثلاثًا وستين.

ويستحب لمن أناب على ذبح أضحيته أن يحضر ذبحها؛ لما روي من حديث ابن عباس: =


(١) سورة الأحزاب: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>