= ودليل ذلك حديث عباد بن تميم عن عمه قال: شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال:"لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَشُمَّ رِيحًا". قال في منتقى الأخبار: رواه الجماعة إلا الترمذي. وأخرجه البيهقي عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد وقال: رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني وغيره، ورواه مسلم عن عمرو الناقد وغيره، كلهم عن سفيان بن عيينة.
وأخرج البيهقي أيضًا: أخبرنا أبو الحُسين بن بشران ببغداد، ثنا اسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا معاذ بن معاذ عن أشعث عن الحسن أنه قال: إذا شككت في الحدث وأيقنت الوضوءَ فأنت على وضوئك، وإذا شككت في الوضوء وأيقنت الحدث فتوضأ.
وقال الشوكاني في الكلام على حديث عباد بن تميم المتقدم: قال النووي في شرح مسلم: وهذا الحديث أصل من أصول الإِسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها، حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. ا. هـ. بلفظه.
(٥) قال في المدونة: قال مالك: من شك في بعض وضوئه، يعرض له هذا كثيرًا، قال: يمضي ولا شيءَ عليه، وهو بمنزلة الصلاة، إلى أن قال: قلت لابن القاسم: أرأيت من توضأ فايقن بالوضوء، ثم شك بعد ذلك فلم يدر أحدث أم لا؟. وهو شاك في الحدث؛ قال: إن كان ذلك يستنكحه كثيرًا فهو على وضوئه، وإن كان ذلك لا يستنكحه فليعد الوضوءَ. وهو قول مالك. ا. هـ.
منه.
قلت: وقد علمت فيما سبق من الدليل أن الوضوء المتيقن لا ينتقض بالشك من غير المستنكح، وأحرى أن يكون مستنكحًا. والله الموفق.
(٦) المذهب عدم الوضوء من مس الأنثيين؛ لضعف الخبر الوارد في ذلك، قال البيهقي: وروي ذلك عن هشام بن عروة من وجه آخر مدرجًا في الحديث، وهو وهم والصواب أنه من قول عروة، والقياس أن لا وضوء في المس، وإنما اتبعنا السنة في إيجابه بمس الفرج فلا يجب بغيره. ا. هـ. منه. =