= وأما من جعل الوضوء من مس الدبر، فإنه حمل عليه لفظ الفرج من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"أَيُّمَا رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا". رواه أحمد والترمذي والبيهقي. وغير خاف أن الفرج لفظ عام، يعم القبل والدبر معًا؛ لأنه غلب إطلاقه على السوأتين، إلا أن الصناعة الفقهية تقتضي -فيما لو ورد لفظ عام وآخر خاص- أن يحمل على تخصيص العام باللفظ الخاص، فإذا تقررذلك فقد ورد حديث بسرة بنت صفوان الأسدية ولفظه في بعض رواياته:"مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلَا يُصَلِّي حَتى يَتَوَضَّأَ". وفي بعضها "وَيتَوَضَّأْ مَنْ مَسَّ الذَّكَرَ".
فتعين تخصيص حديث عمروبن شعيب به، بحمل الفرج على الذكر. والله تعالى أعلم، ولذلك لا نقض في مس الدبر عندنا. وبالله تعالى التوفيق.
(٧) المدار في المذهب هنا بعدم النقض بلمس فرج الصغير على العادة، فإن العادة لم تجر بلمسه للتلذذ، ولا أن يلتذ بلمسه ولولم يقصد اللذة، وليس في ذلك إلا الاجتهاد، والله الموفق.
(٨) ودليل عدم الوضوء من القيء حديث الموط!: قال يحيى: وسئل مالك: هل من القيء وضوء؛. قال: لا، ولكن ليتمضمض من ذلك وليغسل فاه، وليس عليه وضوء. ا. هـ. وانما لم ينتقض الوضوء به لأنه غير خارج من السبيلين. أنظر الباجي.
(٩) من قال بالوضوء من لحم الإبل استدل بحديث البراء بن عازب رضي الله عنه عند أبي داود، ولفظه: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوضوء من لحوم الإبل فقال:"تَوَضَّؤُوا مِنْهَا". وسئل عن لحوم الغنم قال:"لَا تَوَضَّؤُوا مِنْهَا". الحديث. وهو عند مسلم من حديث جابر بن سمرة، وبذلك قال من الأربعة الإمام أحمد بن حنبل. والذي عليه الجمهور عدم الوضوء من لحوم الإبل لأمور:
منها: إنه مذهب الخلفاء الراشدين الأربعة، وقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باتباع سنتهم قال:"خُذُوهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ". وبه قال من الصحابة غيرهم: ابن مسعود وأبيّ بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة، وبه قال جماهير التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأتباعهم. قالوا: المراد بالوضوء في الحديث الوضوء اللغوي لا الشرعي؛ لأن في لحوم الإبل دسومة لاتوجد في لحوم غيرها. =