للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= على عدم صحة نسبة ذلك لعلي رضي الله عنه بإسناد الإِمامين أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني.

والحاصل أن الزوجة والأمة من المباح الطيب، بكتاب الله تعالى، وأن قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (١). يشملهما تناولًا، لذلك فإن إخراجهما من هذا العموم، يحتاج إلى مخصص منفصل ثابت من الكتاب أو السنة، ولا يوجد ذلك. فإن قال أصحابنا: لقد أباح الله له أن يحرمهما عليه، فيتناولهما لفظ التحريم. فالجواب: إنه أباح له ذلك بألفاظ تعبدية، لا ينبغي العدول عنها وهي، عند أصحابنا مادة الطاء، واللام، والقاف، في الزوجة. وثبت أنه أبغض الحلال على الله، هذا بالنسبة للزوجة، لا تنفصم عصمتها ما دامت تؤمن بالله واليوم الآخر بدون ذلك، وأما بالنسبة للأمة فإن تحريمها العتق، لا يحرمها عليه من الألفاظ سوى ذلك. ومعلوم أن الأمور التعبدية قاصرة عن القياس عليها.

فإذا تقرر ذلك، فهاك بعض ما ورد في حكم المسألة، من فتيا الصحابة والتابعين فمن دونهم: فقد ذكر القرطبي فيمن قال لزوجته: أنت عليَّ حرام. قال: هي يمين يكفّرها. أفتى بذلك أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين. وقال به الأوزاعي. وهو مقتضى الآية. يعني قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٢). الآية. قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: إذا حرم الرجل عليه امرأته، فإنما هي يمين يكفرها. وقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣). الآية. يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد حرم جاريته، فقال الله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (٤). إلى قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٥). فكفر عن يمينه. وصيَّر الحرام يمينًا. خرجه الدارقطني. ا. هـ. بنقل القرطبي.

وأفتى الشعبي في ذلك، ومسروق، وربيعة شيخ مالك، وأبو سلمة، وأصبغ، قالوا: لا =


(١) سورة المائدة: ٨٧.
(٢) و (٤) و (٥) سورة التحريم: ١، ٢.
(٣) سورة الأحزاب: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>