للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= شيء على من قال ذلك، هو كتحريم الماء والطعام. واستدلوا بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (١). قالوا: والزوجة من الطيبات، ومما أحل الله، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} (٢). وما لم يحرمه الله فليس لأحد أن يحرمه، ولا أن يصير بتحريمه حرامًا. ا. هـ. بنقل القرطبي.

وقال الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق: في المسألة كفارة الظهار. وبه أفتى عثمان رضي الله عنه.

قلت: وقد نصر القول بأنها ظهار، شيخنا في أضواء البيان، في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} (٣). في المسألة الرابعة، قال: وقد دلت آية الظهار هذه على أن أقيس الأقوال وأقربها لظاهر القرآن قول من قال: إن تحريم الزوجة ظهار، تلزم فيه كفارة الظهار، وليس بطلاق. وإيضاح ذلك أن قوله: أنتِ عليَّ كظهر أُمِّي. معناه: أنت علي حرام. وقد صرح القرآن بلزوم الكفارة في قوله: أنت علي كظهر أمي. ولا يخفى أن: أنتِ عليَّ حرام. مثلها في المعنى كما ترى.

قال: وأقرب الأقوال بعد هذا لظاهر القرآن، القول بكفارة اليمين والاستغفار؛ لقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٤). بعد قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٥) ا. هـ. منه.

قلت: وقد كنت سألته أيام دراستي للتفسير عن هذا الموضوع، وعن رأيه في ترجيح هذه الأقوال التي سردها أبو عبد الله القرطبي عند كلامه على هذه الآية، فذكر لي أن أجراها على الدليل عنده، هو القول بأن في المسألة كفارة ظهار، كما قرره بعد في الأضواء، وأن أجراها على القواعد الفقهية كونها تحسب طلقة واحدة بائنة، لا يملك الرجوع فيها إلا بعقد جديد برضاها وبرضا وليها، حملًا للفظ التحريم على أول ما صدقه، جريًا على ما عقده في مراقي السعود بقوله: =


(١) سورة المائدة: ٨٧.
(٢) سورة النحل: ١١٦.
(٣) سورة الأحزاب: ٤.
(٤) سورة التحريم: ٢.
(٥) سورة التحريم: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>