= والأخذ بالأول لا بالآخر … منحتم في مقتضى الأوامر
وما سواه ساقط أو مستحب … لذاك الاطمئنان والدلك انجلب
فذكرت له أنه يبدو لي - على قصوري - أن أجرى هذه الأقوال على ظاهر القرآن، هو اعتبار لزوم كفارة يمين في المسألة، بدليل آية التحريم واستطراد سبب نزولها، فذكر لي أنه لو لم يختلف المفسرون والمحدثون في سبب نزول هذه الآية، لتعين القول بأن في المسألة كفارة يمين، غير أن المحدثين - وبطرق أصح - ذكروا أن سبب نزول الآية ما ثبت في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلًا. قالت: فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا جاءها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافيرًا؟. فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال:"بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنَ أَعُودَ لَهُ". فنزل قوله تعالى:{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}. الآيات. قال الشيخ: ولولا هذا الخلاف في سبب النزول لما كان في المسألة إلا كفارة اليمين. غير أنه يبدو لي - على قصوري وسعة علمه - أنه لا مانع من تعدد سبب النزول، فعوتب - صلى الله عليه وسلم - على عزمه على ترك العسل، وعلى عزمه على ترك مارية رضي الله عنها، فتكون الآية نصًا في الموضوع، وأما القول بكفارة الظهار فلا يخفى أنه بقياس: أنت علي حرام، على: أنت علي كظهر أمي. وقد وقفت آنفًا على ما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس في أنها كفارة يمين، وها أنا أنقل لك ما وقفت عليه من الآثار الواردة في هذا الموضوع:
أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: الرجل يقول لامرأته: أنت عليَّ حرام؟. قال: يمين. ثم تلا {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} الآية. قلت: وإن كان أراد الطلاق؟. قال: قد علم مكان الطلاق. قال: وإن قال: أنت عليَّ كالدم أو كلحم الخنزير، فهو كقوله: أنت عليَّ حرام.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة. قال: إن قال: هي علي كالدم أو كلحم الخنزير، فهي كقوله: هي علي حرام. =