= وفي الحطاب أن اليمين المنعقدة على بر، هي التي يكون الحالف فيها بأثر يمينه موافقًا لما كان عليه من البراءة الأصلية، وإن اليمين المنعقدة على حنث، هي ما يكون الحالف فيها مخالفًا لما كان عليه في البراءة الأصلية.
قال الحطاب في الذي يوافق ما كان عليه في البراءة الأصلية: إنه هو الذي لا يطالب في بر يمينه بفعل يفعله، بخلاف صيغة الحنث؛ فإنه يطلب في بر يمينه بأن يأتي بما حلف عليه، وإلا فلا يمكن أن يكون الحالف موافقًا لما كان عليه في البراءة الأصلية؛ لأنه قبل اليمين لا حرج عليه في الفعل أو الترك بخلاف حاله بعد اليمين، فإنه إن فعل ما حلف على تركه حنث. ا. هـ. منه. واعلم أن الأيمان في الشريعة على أربعة أقسام: قسمان فيهما الكفارة، وقسمان لا كفارة فيهما. خرج الدارقطني في سننه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا خلف بن هشام، حدثنا عيثر عن ليث، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: الأيمان أربعة: يمينان يكفَّران ويمينان لا يكفَّران؛ فاليمينان اللذان يكفران: فالرجل يحلف: والله لا أفعل كذا وكذا فيفعله. والرجل يقول: والله لأفعلنَّ كذا وكذا فلا يفعل. واليمينان اللذان لا يكفران؛ فالرجل يحلف: والله ما فعلت كذا وكذا وقد فعل. والرجل يحلف: لقد فعلت كذا وكذا ولم يفعله. ا. هـ بنقل القرطبي.
وقوله: إطعام عشرة مساكين لكل مد، أصل ذلك قوله تعالى في المائدة:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(١).
قال القرطبي: لا بد عندنا وعند الشافعي من تمليك المساكين ما يخرج إليهم، يدفع إليهم =