للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَقِيَ؟. تَأويلَانِ. وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ بالقُرْعَةِ، وَجَازَ لِثَانِيَةٍ إنْ أخْرَجَ وَإلَّا كُرِهَ، وَإنْ كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ، وأجْزَأتْ قَبْلَ حِنْثِهِ، وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ.

= حتى يتملكوه ويتصرفوا فيه لقوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} (١). قال ابن الماجشون من أصحابنا وفاقًا لأبي حنيفة: لو غدَّاهم وعشاهم جاز لقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (٢). قال: فبأي وجه أطعمه دخل في الآية.

وقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (٣). قال القرطبي: هو هنا منزلة بين منزلتين، ونصفًا بين طرفين. ومنه الحديث: "خَيْرُ الْأمُورِ أَوْسَطُهَا".

وقوله: لكل مد: هو الإِطعام عند مالك، إن كان بالمدينة. وبذلك قال مالك والشافعي وأهل المدينة. قال سليمان بن يسار: أدركت الناس وهم إذا أعطوا في كفارة اليمين، أعطوا مُدًّا من حنطة بالمد الأصغر، ورأوا ذلك مجزئًا عنهم. قال القرطبي: وهو قول ابن عمر، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وبه قال عطاء بن أبي رباح.

قال: وقال ابن القاسم: إذا كان بغيرها أجزأه المد. وقال ابن المواز: أفتى ابن وهب بمصر بمد ونصف، وأفْتى أشهب وثلث، قال: وقال أبو حنيفة: يخرج من البر نصف صاع، ومن التمر والشعير صاعًا، محتجًا بحديث عبد الله بن ثعلبة بن صُعير عن أبيه قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فأمر بصدقة الفطر؛ صاعٍ من تمر، أو صاع من شعير عن كل رأس، أو صاع بر بين اثنين. قال: به أخذ سفيان، وابن المبارك، وروي عن عليّ وعمر، وابن عمر، وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب. وهو قول عامة فقهاء العراق؛ محتجين أيضًا بما رواه ابن عباس قال: كَفَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاع من تمر وأمر الناس بذلك، فمن لم يجد فنصف صاع من بر من: {أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (٤). خرجه ابن ماجه في سننه. ا. هـ. بنقل القرطبي.

تنبيه: قال ابن العربي: يخرج الرجل مما يأكل هو، وقد زلت جماعة من العلماء فقالوا: يخرج مما يأكل الناس لا مما يأكل هو، وهذا سهوٌ بيِّنٌ، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، صَاعًا مِنْ


(١) سورة الأنعام: ١٤.
(٢) سورة الإنسان: ٨.
(٣) و (٤) سورة المائدة ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>