للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِنَذْرِهَا، فإنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ. ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ. وَصِيامٌ بِثَغْرٍ، وثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ، إلَّا أنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِي بِمَالِي فِي سَبِيلِ اللهِ؛ وَهُوَ الجِهَادُ والرِّبَاطُ بِمَحَلٍّ خِيفَ، وأنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ.

= حديث النهي عنه، وأنه يستخرج به من البخيل، فإنما معناه أن ينذر لأمر من أمور الدنيا. قال الحطَّاب: قال في التلقين. ويلزم عند وجود شرطه، سواء كان شرطه مباحًا أو محظورًا أو طاعة أو معصية، كان فعلًا للناذر أو لغيره من العباد، أو من فعل الله تعالى. ا. هـ.

قال القرطبي: ورد في صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "لَا تَنْذرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللهِ شَيْئًا". قال القرطبي: محل النهي أن يقول: إن شفى الله مريضي فعليَّ عتق أو صدقة ونحوه؛ ووجهه أنه لما وقف فعل القربة على حصول غرض عاجل، ظهر أنه لم تتمحض فيه نية التقرب إلى الله تعالى، بل سلك سبيل المعاوضات، وهذا حال البخيل الذي لا يخرج من ماله إلا بعوض عاجل أكثر منه، ثم ينضاف إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن الله يفعل ذلك الغرض لأجل النذر، وإليهما الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللهِ شَيْئًا". فالأولى تقارب الكفر، والثانية خطأ صراح. وإذا تقرر هذا، فهل النهي محمول على التحريم أو على الكراهة؟. فالمعروف من مذاهب العلماء الكراهة. قال الحطاب: والذي يظهر لي التحريم، في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد، فيكون إقدامه على ذلك محرمًا، وتكون الكراهة في حق من لم يعتقد ذلك. ا. هـ. منه

قلت: فأين الصفة التي قرر الحطاب تحريمها من النذر، لرجل غني جدًا، اعتادت العامة النذر له، معتقدين أنه لا ينذر له في شيء إلا حصل، وشاع الأمر حتى فوض المذكور جباة يجبون له نذوره، بمستندات عليها صورهم الشمسية، وكثيرًا ما يعترضون المسافرين عندما تتوقف السيارات لدى مركز من مراكز الشرطة أو الجمارك، قائلين: من عنده شيء من نذر فلان؟. إن هذه الصورة في نظري مفسدة لعقيدة العوام، وتتنافى كل التنافي مع قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١). الآية. إن النذر عبادة، وإن صرفها لمخلوق لا يخفى على موحد ما فيه. والعياذ بالله. =


(١) سورة الأنعام: ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>