للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مكة فتحت عنوة ثم منَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهلها، فردَّها عليهم ولم يقسمها. وقد منَّ عليهم بأنفسهم حيث قال لهم - وهم مقهورون، تحيط بهم خيل الله، تمعج ما بين الخندمة إلى الحجون - قال - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا تُظُنُّونَ أنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ"؟. قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت. قال - صلى الله عليه وسلم -: "اذْهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقَاءُ". فهل يطلق إلا من أسر؟. وهل يخالف أحد في أن مسلمة الفتح كانوا يعرفون بالطلقاء لقول رسول الله لهم: "اذْهَبُوا فَأنْتُمُ الطُّلَقَاءُ".

وأيضًا فقد ثبت في صحيح مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَبَا هُرَيْرَةَ ادْعُ لِي الْأنْصَارَ". قال: فدعونهم فجاؤا يهرولون. فقال: "يَا مَعْشَر الْأنْصَارِ، هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ"؟. قالوا: نعم!. قال: "انْظُرُوا إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا".

وقال: "مَوْعِدُكُمُ الصَّفَا". قال: فما أشرف لهم يومئذ أحد إلا أناموه. الحديث. وكونها فتحت عنوة هو ما ذهب إليه مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وأبو عبيد ورواية عن أحمد بن حنبل.

وذهب الشافعي إلى أنها فتحت صلحًا، قال: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذل لهم الأمان بقوله: "مَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ". ولكن. فهل ألقوا السلاح كلهم فأمنوا؟. أو هل أغلقوا أبوابهم جميعهم فأمنوا؟. وكيف يتفق دخولها صلحًا مع لباسه المغفر وهو يطوف بالبيت؟. صلوات الله وسلامه عليه. فالحق أنه - صلى الله عليه وسلم - دخلها مقاتلًا مستحلًا وقال: "إنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ". أما القول بمنع بيع دورها وكرائها؛ فللقول بأنها حرة كالمساجد. فقد أخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن مجاهد عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قال: لا يحل بالبيع دور مكة ولا كراؤها. ا. هـ.

وأخرج عبد الرزاق أيضًا عن ابن جريج قال: كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم. وأخبرني أن عمر بن الخطاب كان ينهى أن تبوّب دور مكة؛ لأنها ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بوَّبَ داره سهيل بن عمرو، فأرسل إليه عمر في ذلك. فقال: أنظرني يا أمير المؤمنين، إني كنت امرءًا تاجرًا، فأردت أن أتخذ بابين يحبسان ظهري. قال: فذلك إذًا.

وأخرج عبد الرزاق أيضًا عن معمر عن منصور، عن مجاهد، أن عمر بن الخطاب قال: يا أهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>