للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يا رسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي فأرضِهِ عنه. فقال أبو بكر رضي الله عنه: لا، هالله إذًا لا يعمد إلى أسد من أسود الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَق فَأَعْطِهِ إيَّاهُ". قال أبو قتادة: فأعطانيه، فبعت الدرع، فابتعت به مخرفًا في بني سَلمَةَ، فإنَّه لأول مال تأثَّلْتهُ في الإِسلام. هذا لفظ البغوي وقال: هذا حديث متفق على صحته. أخرجه البخاري ومسلم كلاهما بالسند إلى مالك. وقد اختلف أهل العلم في السلب: فالمذهب عند أصحابنا ما تقدم؛ من أنه إذا نادى الإِمام أن من قتل قتيلًا فله سلبه، كان له ذلك على وجه التنفيل، ولا يستحقه بدون ذلك. وإلى هذا ذهب مالك والثوري وأصحاب الرأي.

وقال أحمد بن حنبل إنما يستحق السلب من قتل قرنه في المبارزة دون غيرها.

وقال قوم - منهم الشافعي - أن جميع سلب المقتول لقاتله، وإن لم يكن إلا نادى به. ولا يخمس السلب عند هؤلاء. ويشترط الشافعي أن يكون الكافر قتل مقبلًا لا مدبرًا فارًا.

فإذا عرفت ذلك فاعلم أن السلب الذي يستحقه القاتل، هو كل ما كان على المقتول من ثوب، سلاح، ومنطقة، وفرسه الذي هو راكبه، أو ممسكه. هكذا قال الشافعي. وقال الأوزاعي: له فرسه الذي قاتل عليه، وسلاحه، وسرجه، ومنطقته، وخاتمه، وما كان في سرجه وسلاحه من حليه، ولا يكون له الهميان ولا الدراهم والدنانير التي لا يتزين بها للحرب، بل هي غنيمة. والمذهب عندنا أن السلب هو المعتاد لبس المقاتل له دون غير المعتاد، مما يلبسه عظماء الروم؛ من التيجان والصلبان والإِسورة ونحو ذلك.

وأما النفل فهو اسم لزيادة يعطيها الإِمام بعض الجيش على القدر المستحق. ومنه سميت النافلة لما زاد على الفرائض من الصلوات. وهو جائز شرعًا بدليل الحديث المتفق عليه، عن ابن عمر أن رسول - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش.

واختلفوا من أي شيء يخرج النفل؟. قال قوم: هو من الخمس، وقالوا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطيه من ذلك. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَالِي مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ".

وقال قوم: هو من الغنيمة بعد إخراج الخمس لما روى أبو داود بإسناد صحيح: روى حبيب بن سلمة الفهري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفل الثلث بعد الخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>