للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أكَلَتْهُ الكِلَابُ؟. وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَإِنْ خَرَجَ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَأُخِذَ اسْتُرِقَّ إِنْ لَمْ يُظْلَمْ، وَإِلَّا فَلَا؛ كَمُحَارَبَتِهِ، وإنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ وحَارَبُوا، فكالمُرْتَدِّينَ. ولِلإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمصْلحَةٍ إنْ خَلَا عَنْ كَشَرْط بَقَاءِ مُسْلِمٍ (١) وَإنْ بِمَالٍ إلَّا لِخَوْفٍ وَلَا حَدَّ.

(١) وقوله: وللإِمام المهادنة لمصلحة، ويجوز للإِمام أو نائبه فقط المهادنة؛ وهي صلح الحربي على ترك قتاله مدة، ليس هو فيها تحت حكم الإِسلام، فخرج الأمان والاستئمان. ومن شرط المهادنة خلوها من شرط فاسد؛ كشرط ترك مسلم في أيديهم. قال ابن شاس: لا يحل شرط ذلك في رجال ولا نساء، فإن وقع لم يجز ردهما. قال ابن العربي: وفعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك خاص به؛ لما علم في ذلك من الحكمة وحسن العاقبة. وقال المازري: لا يهادن العدو بمال يعطى له؛ لأن ذلك عكس مصلحة أخذ الجزية منهم، إلا لضرورة التخلص من خوف استيلاء العدو على المسلمين. قال: ولو لم يكن ذلك جائزًا ما شاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إعطاء المشركين يوم الأحزاب. ولا حد لمدة الهدنة عند أصحابنا، فهي حسب نظر الإِمام، غير أنه يندب أن تزيد عن مدة أربعة أشهر لقوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (١). وقد أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصفوان بن أمية مهلة أربعة أشهر.

وقوله: وإن استشعر - من قوم - خيانتهم نبذهم وأنذرهم ووجب الوفاء، قال البغوي: وإذا هادن الإِمام قومًا، فليس له أن يسير إليهم قبل انقضاء المدة، فيحل بساحتهم، حتى إذا انقضت المدة أغار عليهم، وذلك بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَلَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود في الجهاد وإسناده صحيح وأخرجه أحمد، وهو من حديث عمرو بن عنبسة.

فإن أحسَّ منهم خيانة قبل انقضاء المدة، نبذ إليهم على سواء، أي أعلمهم أنه يريد غزوهم، وإن الصلح الذي كان قد ارتفع، فيكون الفريقان في علم ذلك على سواء. فإن نقض أهل الهدنة عهدهم جاز للإِمام أن يسير إليهم على غفلة منهم كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل مكة. ودليل


(١) سورة التوبة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>