للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما الرمي، ففي صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يقرأ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} (١). الآية. "أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ". أخرجه في بلوغ المرام وقال: رواه مسلم. وقد أفاد هذا الحديث تفسير القوة في الآية بالرمي بالسهام؛ لأن ذلك هو الرمي المعتاد في عصر النبوة.

قلت: وإذا كان العلة في استحباب الرمي بالسهم إعداد القوة للجهاد في سبيل الله، فإنه - بتحقيق المناط - يشمل الرمي بالبنادق للتدريب على الجهاد، وإعداد النفس لذلك. فيؤخذ من الحديث شرعية التدريب على الرمي بالبنادق الخفيفة والرشاشة، بل وعلى الإِصابة في المدافع الثقيلة، وعلى استعمال الدبابات الثقيلة، وعلى الطائرات المقاتلة الاعتراضية والهجومية، وعلى استعمال وسائل الدفاع الجوية، والتدريب على إصابة الأهداف بالقذائف، سواء كانت أرض - جو، أو كانت أرض - أرض أو كانت جو - جو. لكنه مع الأسف قل من يتدرب على ذلك اليوم ممن يلاحظ التعبد به. والله المستعان. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وروى الدارقطني بسنده في صفة المسابقة حديثًا عن علي رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: "يَا عَلِيُّ قَدْ جَعَلْتُ إِلَيْكَ هذِهِ السَّبْقَةَ بَيْنَ النَّاسِ". فخرج علي رضي الله عنه، فدعا سراقة بن مالك، فقال: يا سراقة، إني قد جعلت إليك ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عنقي من هذه السبقة في عنقك، فإذا أتيت الميطان، فصُفَّ الخيل ثم نادِ ثلاثًا: هل من مصلح للجام؟. أو حامل لغلام؟. أو طارح لجل؟. فإذا لم يجبك أحد فكبر ثلاثًا، ثم خلها عند الثالثة، يسعد الله بسبقه ما شاء من خلقه. فكان علي يقعد عند منتهى الغاية، ويخط خطًا يقيم رجلين متقابلين عند طرف الخط، طرفه بين إبهامي أرجلهما، وتمر الخيل بين الرجلين، ويقول لهما: إذا خرج أحد الفرسين على صاحبه يطرف أذنيه، أو أذن أو عذار، فاجعلوا السبقة له، فإن شككتما فاجعلا سبقهما نصفين، فإذا قرنتم ثنتين فاجعلوا الغاية من أصغر الثنتين. ولا جلَبَ ولا جنب، ولا شغار في الإِسلام. قال ابن قدامة: وهذا الأدب الذي ذكره في هذا الحديث، في ابتداء الإِرسال وانتهاء الغاية، من أحسن ما قيل في هذا. وهو مروي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في قضية أمره =


(١) سورة الأنفال: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>