للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ". فقوله: "فَإِنِ اسْتَطَاعَ. . . فَلْيَفْعَلْ" لا يقال مثله في الواجب. وبهذا قال جمهور الفقهاء والشافعي والكوفيون وأهل الظاهر وغيرهم. وقد كره ذلك قوم لا مبالاة لقولهم للأحاديث الصحيحة ولقوله تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} (١). وقال سهل بن أبي حيثمة: رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك، على إجَّار من أجاجير المدينة، فقلت له: أتفعل هذا؟ قال: نعم! قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذَا ألْقَى اللهُ في قَلْبِ أَحَدِكُمْ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا".

وقوله: ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم، هذا المذهب عندنا، فإن العلماء اختلفوا فيما يجوز أن ينظر إليه منها؛ فقال مالك: ينظر إلى وجهها وكفيها ولا ينظر إلا بعلمها. وقال الشافعي وأحمد: ينظر بإذنها وبغير إذنها إن كانت متسترة. وقال الأوزاعي: ينظر إليها ويجتهد، وينظر مواضع اللحم منها. وقال داود: ينظر إلى سائر جسدها تمسكًا بظاهر اللفظ. والله تعالى أعلم بالصواب في ذلك.

(٣) قوله وحل لهما حتى نظر الفرج، قال المواق: روى الشيخ: لا بأس بنظر فرجها، زاد أصبغ، ولحسه بلسانه تحقيقًا لإِباحة النظر؛ لاعتقاد العوام حرمته. وحكى ابن القاسم عن القاسم بن محمد أنه سئل عن الكلام عند الجماع، فقال: إذا خلوتم فافعلوا ما شئتم. وقال المتيطى: قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢). قال الحسن: على الرجل إذا فرغ أن ينتظرها حتى تفرغ ثم قال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (٣). وقال ابن عباس: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي.

وقوله: كالملك، أي المستقل؛ فإنه يبيح لصاحبه من مملوكته ما يحل له من زوجته، إذا لم تكن محرمة عليه بعارض كالرضاع، أو تلذذ والده بها، ونحو ذلك.

وقوله: وتمتع بغير دبر، لقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٤). فقوله: حَرْثٌ لَكُمْ: أي موضع حرث. وذلك تشبيه للجماع في إبقاء النطفة وانتظار الولد، بالحرث =


(١) سورة الأحزاب: ٥٢.
(٢) و (٣) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٤) سورة البقرة: ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>