= تنكح حتى تستأمر، وإن كانت كبيرة فإن والدها مأمور باستئذانها، فكيف يتصور تزويجه لها من بعد موته بدون إذنها؟!.
(٣) وقوله عليه رحمة الله: ثم لا جبر، فالبالغ؛ مراده به أنه بعد المالك والأب ووصيه لا جبر لأحد من الأولياء، فالبالغ تزوج بإذنها، ويقبل قولها في بلوغها. وسيأتي للمصنف في باب الحجر قوله: وصدق في دعوى البلوغ إن لم يُرب.
(٤) وقوله: إلا يتيمة خيف فسادها ألخ، هو استثناء من مفهوم البالغ. قال: إلا يتيمة صغيرة مات أبوها، فتزوج إذا خيف عليها الفساد؛ بفقر أو زنا، فإنها تزوج بهذه الشروط: إن بلغت عشر سنين، واستشير القاضي في زواجها ليثبت عنده يتمها وفقرها، وأن يكون الزوج كفؤًا لها في الدين والحال، وأن يصدقها مهر مثلها.
قلت: قد تقدم حديث عبد الله بن عمر أنه تزوج ابنة خاله عثمان بن مظعون، وبولاية عمها قدامة، وهو وصي أبيها عليها، وأن المسألة لما رفعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت له عدم رضى اليتيمة، رد النكاح، فتزوج بها المغيرة بن شعبة الذي رضيته. وهو حديث إسناده قوي. أخرجه أحمد والدارقطني والبغوي والحاكم وصححه. ووافقه الذهبي. فهو حجة على أنه لا سبيل إلى تزويج اليتيمة إلا بإذنها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لَا تُنْكِحُوا اليَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ، فَإِذَا سَكَتْنَ فَهُوَ إِذْنُهُنَّ". ا. هـ. بلفظ البغوي. وفي سنن الدارمي ما نصه: باب في اليتيمة تزوج نفسها. أخبرنا أبو نعيم، ثنا يونس بن أبي إسحاق، حدثني أبو بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ في نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَقَدْ أَذِنَتْ وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ". وهذا الحديث أخرجه البيهقي أيضًا بهذا اللفظ عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه.
وعلى كل حال فالمسألة اختلف العلماء فيها؛ فالشافعي ومن وافقه يقول بعدم زواج اليتيمة الصغيرة حتى تبلغ، وإن وقع النكاح فهو مردود. وقال في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ" قال معناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر. قاله البغوي. وذهب الإِمام أحمد إلى أن اليتيمة إذا بلغت تسع سنين جاز تزويجها برضاها، ولا خيار لها. قال البغوي: ولعله قال ذلك لما علم أن كثيرًا من نساء العرب يدركن إذا بلغن هذه السن. قالت عائشة: وإذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. ا. هـ. =