= ونقل ابن التركماني في الجوهر النقي - الذي ذيل به السنن الكبرى للبيهقي - نقل عن الاستذكار قال: زوج عروة بن الزبير ابنة أخيه - وهي صبية - من ابنه، والناس يومئذ متوافرون. قال: وفيه أيضًا قال أبو حنيفة ومحمد والحسن وعطاء وطاوس وعمر بن العزيز، وقتادة، وابن شبرمة والأوزاعي: يزوج اليتيمة الصغيرة وليها. قال: وفي أحكام القرآن للرازي، روي عن علي وابن مسعود، وابن عمر وزيد بن ثابت، وأم سلمة والحسن وطاوس وعطاء في آخرين، جواز تزويج غير الأب والجد الصغيرة، ولا نعلم أحدًا من السلف منع ذلك. قال: وقد ذكر البيهقي في باب: اليتيمة تكون في حجر وليها. عن عائشة سبب نزول قوله تعالى:{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}(١). وعزاه للصحيحين. قال: وفيه دليل على أن للأولياء إنكاح اليتامى قبل بلوغهن، إذ لا يتم بعد الاحتلام. وأيضًا فلو كن بالغات لكان أمر الصداق إليهن، فلا وجه لنهي الأولياء أن ينكحوهن إلا أن يبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق.
وقال: وقد دل على هذا أيضًا ما أخرجه الطحاوي في مشكل الحديث بسنده، أن عليًا أتي برجل، فقالوا: وجدناه في خربة مراد، ومعه جارية مخضب قميصها بالدم. فقال له: ويحك ما هذا الذي صنعت؟. قال: أصلح الله أمير المؤمنين، كانت بنت عمي، ويتيمة في حجري، وهي غنية في المال، وأنا رجل قد كبرت وليس لي مال، فخشيت إن هي أدركت ما يدرك النساء، أن ترغب عني فتزوجتها. قال: وهي تبكي. فقال: أتزوجته؟ فقائل من القوم عنده يقول لها: قولي نعم. وقائل يقول لها: قولي: لا. فقالت: نعم، تزوجته. فقال: خذ بيد امرأتك. انتهى منه بتصرف.
يتحصل من البحث أن أصحابنا لم يشترطوا لتزويج اليتيمة هذه الشروط، الا على سبيل الاحتياط في المحافظة عليها ومراعاة يتمها؛ ولا بد من إذنها وظهور ميلها إلى الزوج، وكونه كفؤًا أمهرها مهر مثلها. والشروط العشرة معروفة. وقد نظمها بعضهم. وبالله التوفيق.
(١) وقوله: وقدم ابن فابنه ألخ. في تفسير القرطبي في الكلام على قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا =