للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكافِلٌ، وَهَلْ إنْ كَفَلَ عشْرًا أوْ أرْبَعًا أوْ مَا يُشْفِقُ؟. تَرَدُّدٌ. وظَاهِرُها شَرْطُ الدَّنَاءَةِ (١)، فَحَاكِمٌ فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ.

= رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سودة ا. هـ. منه.

وأما دليل ولاية الأخ، فما جاء في صحيح البخاري أن معقل بن يسار زوج أخته رجلًا، فطلقها تطليقة فبانت منه، ثم جاء يخطبها فأبى عليه وقال: أفرشتك كريمتي ثم طلقتها، ثم جئت تخطبها! لا والله لا أزوجكها. وكانت المرأة قد هويت أن تراجعه، فأنزل الله تعالى قوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (١). فلولا أن له حقًا في الإِنكاح ما نهي عن العضل.

وأما دليل ولاية ابن العم ونحو ذلك، فهو ما روي عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} (٢). قالت: هذه اليتيمة تكون عند الرجل، هو وليها، لعلها تكون شريكته في ماله وهو أولى بها، فيرغب عنها أن ينكحها ويعضلها لمالها، فلا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها. قال البيهقي: رواه البخاري في الصحيح عن يحيى، عن وكيع. وأخرجه مسلم من أوجه عن هشام.

(١) وقوله: وظاهرها شرط الدناءة، ذكر القرطبي في تفسيره في المدرك المتقدم قال: وقد روي عن مالك أن الشريفة والدنيئة لا يزوجهما إلا وليهما أو السلطان. قال: وهذا القول اختاره ابن المنذر. قال: وأما تفريق مالك بين المسكينة والتي لها قدر فغير جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سوى بين أحكامهن في الدماء فقال "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ". وإذا كان المسلمون في الدماء سواء، فهم في غير ذلك شيء واحد. ا. هـ. منه بتصرف قليل.

قلت: وقد يشكل اعتبار الدناءة بالسواد والفقر، فالرأي عندي أن هذين وصفان طرديان بالنسبة للدناءة وغيرها، فقد كانت أم أيمن رضي الله عنها مولاة سوداء، وما بعد أمهات المؤمنين امرأة أعلى قدرًا عند الله وعند المسلمين منها. وأما الفقر، فكيف يعتبر دناءة؟! وآل محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يمر عليهم الشهر ما جعلوا قِدرًا على نار، في الوقت الذي كان فيه بالمدينة أمثال عبد الله بن أُبي، =


(١) سورة البقرة: ٢٣٢.
(٢) سورة النساء: ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>