= المجبرة العقد لوليها، كأن يقال لها: نشهد عليك أنك فوضت العقد عليك لوليك فلان. أو: هل تفوضين العقد له؟. فسكتت، فهو رضاء، سواء حضرت المجلس أو غابت عنه. وقد تقدم ذكر بعض الأدلة استطرادًا عند قول المصنف: ثم أبٌ وجبر المجنونة والبكر ولو عانسًا. وهنا نذكر حديثًا مرويًا عن عبد الله بن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَليِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ في نَفْسِهَا، وَإذنُهَا صُمَاتُهَا". وهو حديث متفق عليه. أخرجه مسلم في النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت. وأخرجه البخاري في النكاح جـ ٩/ ص ١٦٤، ١٦٥، باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما. وأخرجه الموطأ في النكاح، باب استئذان البكر والأيم في أنفسهما.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ". هو لاستطابة نفسها. وقالوا لذلك: إنه لو زوج الأب أو الجد ابنته البكر من غير استئذان، فأقر ذلك الجواز. يروى ذلك عن القاسم بن محمد، وسليمان بن يسارِ، وسالم بن عبد الله، وإليه ذهب مالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
قالوا: الأمر بهذا الاستئذان على الاستطابة، شأنه في ذلك شأن قوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(١). وذلك على استطابة نفوسهم.
تنبيه: من يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح، يحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا". قالوا: مفهومه يدل على أن الولي أحق بالبكر منها بنفسها، وذكر كل واحدة على الانفراد دليل على اختلافهما في الحكم. ومعنى قوله:"أَحَّقُ بِنَفْسِهَا". أراد في اختيار الزوج، لا في العقد. ا. هـ. شرح السنة.
(٤) وقوله: ولا يقبل منها دعوى جهله، يريد به أن البكر إذا استؤذنت في نفسها وسكتت، فعقد عليها فأنكرت وادعت عدم رضاها، وأنها جهلت كون صمتها رضاء، فلا يقبل منها دعوى جهله.
قلت: وهذا الفرع مبني على قاعدة خلافية؛ أي على أحد شطريها؛ وهي قولهم: هل يعذر =