للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: ولا دليل فيها إلَّا على أنه يصح الصداق بأقل قيمة، كما يشير إليه حديث: "الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ". المتفق عليه، وأما بحيث يكون الحكم أنه إن نقص عن ذلك بطل الصداق ألبتة فلا .. لكن ذكر ابن حجر: قال عياض: تفرد بهذا مالك عن الحجازيين، لكن مستنده الالتفات إلى قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (١). وإلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} (٢) قال: فإنه يدل على أن المراد ما له بال. وأقله ما استبيح به قطع عضو محترم. . هـ. منه.

وأما أكثر الصداق؛ فإنه لا حدّ لأكثره إجماعًا، لدليل قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (٣). الآية. قال الشوكاني: وقد اختلف في تفسير القنطار المذكور في الآية؛ فقال أبو سعيد الخدري: هو ملء مسك ثور ذهبًا. وقال معاذ: ألف ومائتا أوقية ذهبًا. وقيل: سبعون ألف مثقال. وقيل: مائة رطل ذهبًا. ا. هـ. منه.

تنبيهٌ: ورد في الخبر عن أبي العجفاء قال: سمعت عمر يقول: لا تَغْلوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة، كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية. رواه أصحاب السنن وأحمد، وصححه الترمذي. وروى أحمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ مَئُونَةً".

ففيه دليل على أفضلية النكاح مع قلة المهر، وإن الزواج بمهر قليل مندوب إليه، لأن المهر إذا كان قليلًا لم يستصعب النكاح من يريده؛ فيكثر الزواج المرغب فيه، ويقدر عليه الفقراء، ويكثر النسل الذي هو أهم مطالب النكاح، بخلاف ما هو واقع اليوم، من التغالي في المهور، والإِسراف في الإِنفاق على حفلات الزواج، فإنه لا يتمكن منه إلا أرباب الأموال الطائلة، وبذلك =


(١) سورة النساء: ٢٤.
(٢) سورة النساء: ٢٥.
(٣) سورة النساء: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>