قال ابن حجر: ويجمع بين هذه الألفاظ بأن بعضًا حفظ ما لم يحفظ بعض، أو أن القصة متعددة. ا. هـ.
قال الشوكاني: والحديث يدل على جواز جعل المنفعة صداقًا ولو كانت تعليم القرآن. قال المازري: وهذا يبنى على أن الباء للتعويض. كقولك: بعتك ثوبي بدينار. قال: وهذا هو الظاهر، وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكرمة لكونه حاملًا للقرآن، لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. إلى أن قال:
وقال عياض: يحتمل قوله: بما معك من القرآن وجهين، أظهرهما أن يعلمها ما معه من القرآن أو مقدارًا معينًا منه، ويكون ذلك صداقها. وقد جاء هذا التفسير عن مالك، ويؤيده قوله في بعض طرقه الصحيحة:"فعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ". قال: وعين في حديث أبي هريرة مقدار ما يعلمها وهو عشرون آية. قال: ويؤيده ما أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل رجلًا من أصحابه:"يَا فُلَانُ، هَلْ تَزَوَّجتَ"؟. قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به. قال:"أَلَيْسَ مَعَكَ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"؟. انظر نيل الأوطار.
وجواز النكاح على أن يعلمها قرآنًا هو مذهب الشافعي وإسحاق والحسن بن صالح. وقال أحمد: إن ذلك لا يجوز، ولها مهر مثلها إن وقع. وبذلك يقول أصحاب الرأي. ولأصحابنا في ذلك قولان أظهرهما الجواز لما رأيت من الدليل. قال البغوي: وفي الحديث دليل جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن.
قلت: وسوف يأتي للمصنف قوله: وعلى الحذاق، وأخذها وإن لم تشترط.
قال البغوي: وفيه دليل على جواز أن يجعل منفعة الحر صداقًا. وجملته أن كل عمل جاز الاستئجار عليه، جاز أن يجعل صداقًا. قال: ولم يجوّز أصحاب الرأي ذلك.
قلت: العجب ممن يأبى عن جعل منفعة الحر صداقًا وهو يقول في نفس الوقت: إن شرع من قبلنا إذا ورد في شرعنا أنه كان شرعًا لهم، ولما يبيَّن لنا كونه شرعًا لنا ولا عدم ذلك، أنه شرع لنا، وقد ورد في القصص قول صالح مدين لموسى عليه الصلاة والسلام: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ =