قلت: ومذهب الشافعي هنا أجرى على الدليل. وقد روي مثله عن مالك وجماعة من أصحابه -كما تقدم- وروي أيضًا عن جماعة من أهل المدينة، قالوا: ينوي في هذه الألفاظ كلها ويلزمه من الطلاق ما نوى. قال القرطبي: وروي عن ابن مسعود أنه كان لا يرى طلاقًا بائنًا إلا في خلع أو إيلاء. قال: وهو المحفوظ عنه. قاله أبو عبيد، قال: وقد ترجم البخاري. [باب إذا قال: فارقتك. أو سرحتك. أو البرية. أو الخلية. أو ما عنى به الطلاق فهو على نيته] وهذا منه إشارة إلى قول الكوفيين والشافعي وإسحاق في قوله: أو ما عنى به من الطلاق. والحجة في ذلك أن كل كلمة تحتمل أن تكون طلاقًا أو غير طلاق، فلا يجوز أن يلزم بها الطلاق إلا أن يقول المتكلم أنه أراد بها الطلاق فيلزمه ذلك بإقراره، ولا يجوز إبطال النكاح؛ لأنهم قد أجمعوا على صحته بيقين. قال أبو عمر: واختلف في قول مالك في معنى قول الرجل لامرأته: اعتدِّي. أو قد خليتك. أو حبلك على غاربك. فقال مرة: لا ينوي فيها فهي ثلاث: وقال مرة: ينوي فيها كلها في المدخول بها وغير المدخول بها وبه أقول. قال القرطبي: ما ذهب إليه الجمهور، وما روي عن مالك أنه ينوي في هذه الألفاظ كلها والحكم عليه بذلك هو الصحيح لما ذكرناه من الدليل، وللحديث الصحيح الذي خرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني وغيرهم عن يزيد بن ركانة: إن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة ألبتة، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال:"آللهِ مَا أَردْتَ إِلَّا وَاحِدَةً"؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن ماجه: سمعت أبا الحسن الطنافسيَّ يقول: ما أشرف هذا الحديث، ا. هـ. منه بلفظه. جـ ٣ ص ١٣٥/ ١٣٦ وقوله رحمه الله: وسفه قائل: يا أختي ويا أمي. ففي مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري ما نصه: باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي. عن أبي تميمة الهجيمي، وهو طريف بن مجالد البصري، أن رجلًا قال لامرأته: يا أخَيَّة. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُخْتُكَ هِيَ"؟ فكره ذلك ونهى عنه.
وعن أبي تميمة عن رجل من قومه: أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-، سمع رجلًا يقول لامرأته: يا أخية. فنهاه. قال المنذري: وذكر أبو داود ما يدل على اضطرابه. قال الخطابي: وإنما كره ذلك لأنه =