= قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها عويمر ثلاثًا قبل أن يأمره النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة المتلاعنين.
تنبيه: قد يحتج بهذا الحديث من يرى أن الفرقة لا تقع بنفس اللعان حتى يفرق بينهما الحاكم فيقول: إن الفرقة لو كانت واقعة بينهما لم يكن للتطليقات الثلاث معنى. وما فطن هذا القائل إلى أنه لو كان الأمر كما يقوله لكانت المرأة في حكم المطلقة ثلاثًا، تحل له بعد زوج، وقد أجمع العلماء -كما حكاه المنذري- على أنها ليست كالمطلقات ثلاثًا. فلا تحل له بعد زوج، فكان ذلك دليلًا على أن الفرقة واقعة قبل الطلاق، فكان الأولى أن يحمل قوله: كذبت عليها إن أمسكتها ألخ .. على أنه لما قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا". وجد من ذلك في نفسه، فقال قولته يريد بها تحقيق ما مضى من الفرقة وتوكيده. ا. هـ. مضمونه أخذًا من الخطابي على مختصر المنذري بتصرف.
وقال الصنعاني في سبل السلام: واستدلوا بما جاء في صحيح مسلم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ذلِكُمُ
التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُل مُتَلَاعِنَيْنِ". وقال ابن العربي: أخبر -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"ذلِكُمْ" عن قوله: "لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" قال: وكذا حكم كل متلاعنين، فإن كان الفراق لا يكون إلا بحكم فقد نفذ الحكم فيه من الحاكم الأعظم -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"ذلِكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ". قالوا: وقوله: فرق بينهما. معناه إظهار ذالك وبيان حكم الشرع فيه، لا أنه أنشأ الفرقة بينهما، ا. هـ. منه بلفظه.
تتمة: أذكر فيها من حديث الموطإ في الموضوع قال: وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله ابن عمر أن رجلًا لاعن امرأته في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وانفتل من ولدها ففرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما وألحق الولد بالمرأة، قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}. قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدًا، وإن أكذبَ نَفْسه جُلِدَ الحد وألحق به الولد ولم ترجع إليه أبدًا. وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف. قال مالك. وإذا فارق الرجل امرأته طلاقًا باتًا ليس له عليها=