= بكحل فيه طيب ولا فيه زينة كالكحل الأسود، قال: فإن اضطرت إلى كحل فيه زينة، رخص لها فيه كثير من أهل العلم. منهم سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وعطا، والنخعي، وإليه ذهب مالك وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: تكتحل به ليلًا وتمسحه بالنهار، لما روي عن أم سلمة قالت: دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفي أبو سلمة، وقد جعلت عليَّ صبرًا، فقال:"مَا هذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ"؟. فقالت: إنما هو صبر فيه طيب. قال:"إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا باللَّيْلِ وَتَنْزعِيهِ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خِضَابٌ". قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟. قال:"بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ". أخرجه في شرح السنة. وهو في أبي داود والنسائي، وحسنه ابن حجر في بلوغ المرام، وأعله في التلخيص، كذا قال شعيب. وقال سفيان وأصحاب الرأي: لا تلبس المعتدة عدة وفاة؛ الثوب المصبوغ. وقال مالك: لا تلبس المصبوغ إلا بالسواد.
أما المعتدة من طلاق؛ فإنها إن كانت رجعية، ليس عليها إحداد اتفاقًا، بل إن لها أن تصنع ما يميل قاب زوجها إليها ليراجعها، وإن كانت المعتدة بائنة بخلع أو بانطلقات، فإن سعيد بن المسيب قال بوجوب الإِحداد عليها. وبذلك يأخذ أبو حنيفة. وقال عطاء: ليس عليها إحداد. وبه يقول مالك.
تنبيه: المعتدة إذا تزوجها رجل ودخل بها في العدة؛ فيروى عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيما امرأة نكحت في عدتها؛ فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها، فرق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، وكان خاطبًا من الخطاب، وإن كان دخل بها. فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت من الآخر، ولا ينكحها أبدًا. وبهذا أخذ مالك بن أنس. قالوا: لأنه استعجل شيئًا قبل وقته فحرمه؛ كالوارث إذا قتل موروثه، ولأنه يفسد النسب فيوقع التحريم المؤبد كاللعان.
وقال الخرقي: له أن ينكحها بعد انقضاء العدتين. وقال الشافعي -في الجديد: له أن ينكحها بعد انقضاء عدتها من الأول: ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه. قال: ولأنه وطء يلحق به النسب فلا يمنع من نكاحها في عدتها منه؛ كالوطء في النكاح، ولأن العدة إنما شرعت حفظًا للنسب وصيانة للماء، والنسب لاحق هنا؛ فأشبه ما لو خالعها ثم نكحها في عدتها. وهذا حسن موافق للنظر.=