= مسعود، وبه قال النخعي، وإليه ذهب سفيان. فأما من يقول: لا سكنى للمبتوتة؛ فإن حجته ما روي عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها فلم يجعل لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سكنى ولا نفقة، وأمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم.
وأما من جعل للمبتوتة السكنى -وهو الأكثر- فإنهم اختلفوا في سبب نقل فاطمة من بيت زوجها؛ فروي عن عروة عن عائشة أن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك رخص لها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الانتقال. وعن سعيد بن المسيب، قال: إنما نقلت فاطمة لطول لسانها على أحمائها؛ فقد روى عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، قال: فتنت فاطمة بنت قيس الناس؛ كانت للسانها ذرابة، فاستطالت على أحمائها فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم. قال البغوي: وروي هذا عن ابن عباس في معنى قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. قال ابن عباس. أن تبذؤ على أهل زوجها، فإذا بذؤت فقد حل إخراجها. قال: وإنكار عائشة وابن المسيب على فاطمة بنت قيس من حيث إنها كتمت السبب الذي أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بموجبه أن تعتد في غير بيت زوجها، وذكرت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجعل لها نفقة ولا سكنى، فيقع به السامع في فتنة يظن أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت انتهى من شرح السنة بتصرف.
ومن الدليل على ما ذهب إليه مالك من أن المبتوتة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملًا، قوله تعالى:{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}. الآية، وما رواه مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله مالك علينا من شيء. فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال:"لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ" الحديث، قال البغوي: في هذا الحديث من الفقه أن المطلقة ثلاثًا أو المختلعة لا تستحق نفقة العدة إلا أن تكون حاملًا، ولها السكنى لقوله عز وجل:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}. قال: وإنما سقط سكنى فاطمة لبذاءة لسانها. ا. هـ. منه.