للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكقوله أيضا:

فإمّا ترينى ولى لمّة ... فإنّ الحوادث أودى بها (١)

واختلفوا فى قوله تعالى: {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} (٢) فذهب البصريّون إلى أنها للتخيير، فانتصاب «شاكرا وكفورا» على الحال، قال الزجّاج: هديناه الطريق، إمّا طريق السعادة أو الشّقاوة، وقال غيره: التخيير هاهنا إعلام من الله أنه يختار ما يشاء ويفعل ما يشاء، وليس التخيير للإنسان، وقيل:

هى حال مقدّرة، والمعنى إمّا أن يحدث منه عند فهمه الشكر، فهو علامة السعادة، وإمّا أن يحدث منه الكفر، فهو علامة الشّقاوة (٣).

وأجاز الكوفيّون أن تكون/ «إمّا» هاهنا هى الشرطية، والفرّاء قطع بأنها هى، فقال: معناه: إنّا هديناه السّبيل، إن شكر وإن كفر (٤).

وقال مكيّ بن أبى طالب المغربىّ، فى مشكل إعراب القرآن: أجاز الكوفيّون فى قوله تعالى: {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} أن تكون «إمّا» إن الشرطيّة، زيدت عليها «ما» قال: ولا يجوز هذا عند البصريّين؛ لأن «إن» الشرطيّة لا تدخل على الأسماء، إلا أن تضمر بعد «إن» فعلا، وذلك فى نحو:

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ} (٥) أضمر «استجارك» بعد «إن» ودلّ عليه الثانى، فحسن لذلك حذفه، ولا يحسن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا؛ لأنه يلزم رفع «شاكر» بذلك الفعل، وأيضا فإنه لا دليل على ذلك الفعل المضمر فى الكلام. انتهى كلامه (٦).


(١) وهذا سبق فى المجلس السادس عشر.
(٢) سورة الإنسان ٣.
(٣) معانى القرآن ٥/ ٢٥٧، باختلاف يسير. وراجع الأزهية ص ١٤٩، والدراسات ١/ ٣٤١.
(٤) معانى القرآن ٣/ ٢١٤.
(٥) سورة التوبة ٦.
(٦) مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٣٥.