للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا القول منه ليس بصحيح؛ لأن (١) النحويّين يضمرون بعد «إن» الشرطيّة فعلا يفسّره ما بعده؛ لأنه من لفظه، فيرتفع الاسم بعد «إن» بكونه فاعلا لذلك المضمر، كقولك: إن زيد زارنى أكرمته، تريد: إن زارنى زيد، وكذلك: إن زيد حضر حادثته، تريد: إن حضر زيد، وكقوله تعالى: {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ} (٢)، {وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ} (٣) {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ} هذه الأسماء ترتفع بأفعال مقدّرة، وهذه الظاهرة مفسّرة لها، وكما يضمرون بعد حرف الشرط أفعالا ترفع الاسم بأنه فاعل كذلك يضمرون بعده أفعالا تنصب الاسم بأنه مفعول، كقولك:

إن زيدا أكرمته نفعك، تريد: إن أكرمت زيدا، ومنه قول النّمر بن تولب:

لا تجزعى إن منفسا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (٤)

أراد: إن أهلكت منفسا.

وإذا عرفت هذا فليس يلزم {شاكِراً} أن يرتفع فى قول من قال إنّ «إمّا» شرطيّة.

وقوله: لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام، يعنى/فى قوله: {إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} قول بعيد من معرفة الإضمار فى مثل هذا الكلام؛ لأنّ المضمر هاهنا فعل تشهد بإضماره القلوب، وهو «كان» وذلك أنّ سيبويه (٥) لا يرى إضمار «كان» إلاّ فى مثل هذا المكان، كقولك: أنا أزورك إن قريبا وإن بعيدا، تريد: إن كنت قريبا وإن كنت بعيدا، ومن ذلك البيت المشهور، وهو للنّعمان بن المنذر:


(١) حكى ردّ ابن الشجرى ابن هشام فى المغنى ص ٦٠، والزركشى فى البرهان ٤/ ٢٤٦.
(٢) الآية الأخيرة من سورة النساء.
(٣) سورة النساء ١٢٨.
(٤) فرغت منه فى المجلس الخامس.
(٥) راجع الكتاب ١/ ٢٥٨.