للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفق، ولا غرو، فهو النجم، وأقام على من خطف الخطفة من رصد حفظه كوكب رجم، وصلب عوده على من أراد امتحان بأسه بغمز أو اختبار لينه بعجم، وانتقل من جنة دمشق إلى مجاورة النيل وهو نهر الجنه، وعاد إلى وطنه ومصر مصرة على محبته، فأشواقها في سموم هوائها مستجنه، وحسنت مباشرته في كل قطر محدود، وباتت مخازيم سؤدده وسدادها مسدود، وأضحى وعمل عمله ليس لناظر فيه مخرج، ولا دون فضله باب مردود، وأطربت مناقبه حتى قال الناس: هذه مزامير داود.

فلذلك رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أن يفوض إليه كذا، فليباشر ذلك مباشرةً تشخص لها عيون الأعيان، ويتعلم الكتاب منها تثمير أقلام الديوان، والأبطال تدبير عوالي المران، مجتهداً فيما يدبره، معتمداً على حسن النظر فيما ينبه عليه أو يثمره، فما ندب لذلك إلا لحسن الظن بسياسته، ولا عين لهذه الوظيفة إلا لجميل المعرفة بما جرب بين سؤدده ورياسته، ومثله لا ينبه على مصلحة يبديها، أو منفعة يعلنها أو يعليها، أو فائدة يهديها أو يهديها، أو كلمة اجتهاد لا يملها من يأخذها عنه أو يستمليها.

وهو بحمد الله تعالى غني عن إطراء من يمدحه من الغاوين، أو يزهره له بشد هذا الديوان، فقد باشر قبله شد الدواوين، فلا يبذل للناس غير ما ألفوه من سجاياه الحسان في الإحسان، ولا يطو بشره عنهم، فمن رآه لم يكن معه محتاجاً إلى بستان، ولا يعامل الرفاق إلا بالرفق، فإن " كلّ مَنْ عليها فان "، والتقوى ملاك الوصايا فليجعلها له نجيا، وقوام الأمور فلا يتخذها ظهريا، وسداد كل عوز فمن

<<  <  ج: ص:  >  >>