قدم الإسكندرية حدثاً، وتفقه بها، وبرع في المذهب، وفرط في السماع من ابن رواج والسبط.
ثم إنه سمع من أبي عبد الله المرسي، وأبي العباس القرطبي، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، والسيخ أبي محمد بن برطلة. وعالج الشروط، وناب في الحكم بالقاهرة، وحكم بالشرقية وغير مكان.
ثم إنه قدم على قضاء دمشق فحكم بها ثلاثين سنة، وكان حاكماً ذا صرامه، قاضياً يبلغ بها الضعيف مرامه، ماضي الأحكام بتاتاً، أراق دم جماعة تعرضوا لجناب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عارفاً بمذهبه، عالماً بمقدمه ومنقلبه، لو رآه مالك رضي الله عنه لسره وأشهب لما ركب في إثره إلا المجره.
حصل له في آخر عمره فالج ورعشه، وبقي على نطقه من العجز وحشه، وكان لا ينطق إلا بمشقة، ولا يأتي بالكلمة إلا حسيت شفته منشقه، وعجز عن العلامه، واستناب من يكتب عنه من برئ عنده من الملامه.
وعزل قبل موته بقليل، وبقي إلى أن سلك تلك السبيل، ومضى إلى ربه ذي المن والفضل الجزيل.