كان فقيهاً، نبيهاً نبيلاً، نحوياً فاضلا، أصولياً مناظراً مناضلا، عنده غرائب ونكت، وفوائد لو سمعها الرازي ما وسعه إلا أن سكت. جيد الذهن والفهم، سريعاً إلى إدراك المعاني يكاد يسبق السهم، قوي النفس، لا يخضع لأحد، ولا يكون له دون السمو والرفعة ملتحد، ضيق العطن، لا يصبر على أذى، ولا يغضى جفونه من السلطان على قذى. أساء الأدب مرات على قاضي القضاة جلال الدين القزويني، واحتمله، ونشر له رداء الحلم واشتمله، ولما زاد عليه رصع التاج بالدره، وكسر دالها، فكانت في أيامه بلا نقطة غره. ثم إنه زاد في تسلط لسانه عليه، فشكاه إلى السلطان، فبقاه مصحفا، وأخرج إلى الشام، فنشر فيه من فضائله برداً مفوقا.
ولم يزل بدمشق إلى أن ارتدى بالترب، وأصبح بعيداً عن العيان، وهو في غاية القرب.
وتوفي - رحمه الله تعالى - فجأة بعد العصر من يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة.
ومولده بالقاهرة بعد الشبع مئة.
تفقه بالديار المصرية على الشيخ علاء الدين القونوي - رحمه الله تعالى -، ولازم الشيخ ركن الدين بن القوبع كثيراً، وأخذ عنه فوائد وإيرادات ومآخذ، وما يعظم أحداً مثله. وأعاد في القاهرة بقبة الشافعي، وتولى بدمشق تدريس المسرورية،