ملكه نطقه، وألهجه في المقال بحق صدقه، وذلك النظر ما كان أغضّه عن المحارم وأبصره بالمكارم، وأغضاه عن النقائص والمعايب، وأشبهه بسمعه عن الإصغاء الى المذامّ والمثالب، نضّر الله ذلك الوجه الكريم ولقّاه نُضرة النعيم وتقبّل أعماله، وبلّغه عند القدوم عليه من عَفوه سولَه، ومن رضاه آماله. والمملوك فقد تأهّب المحاب بإخوانه، ولم يخادع نفسه الحداد عند أوانه، وإذا تقدّم الرّفاق لم يبق إلا الرحيل على آثارهم، والاستقرار للنزول معهم في دارهم. فالله يجمعنا في مستقرّ رحمته، ويجعلنا ممّن جعل الثبات عند الممات من فواتح فضله عليه ونعمته، على أنه ما فُقد من جمال بيته باق ببنيه في الوجود، ولا عدم من علاوة راقٍ بأولاده الى رتب القعود، ولا ذهب مَن لم تخل معاليه من ذي مقام محمود، فعمله الصالح ببقائهم متصل المواد، وثناؤه السائر بدوام ارتقائهم آخذ في الازدياد، والمملوك يقبّل اليد العلائية واليد المحيوية، ويكتفي بهذه الخدمة عن تجديد تعزيتهما بما يهيج الأسى والأسف ويعتذر للدهر ببقاء الموالي، فعفا الله عما سلف، وعمّن سلف بمنّه وكرمه.
[محمد بن محمد]
الشيخ الإمام والعالم الفاضل شمس الدين السفاقسي.
تقدّم ذكر أخيه ابراهيم في الأباره، وكانا فقيهين مالكيين.