ناظر النظار بدمشق. كان رجلاً طوالاً إلى الغايه. دقيقاً لا إلى النهايه، كاتباً متصرفاً، مائلاً إلى الخير متعرفا، متطلعاً في الغدوات والروحات، إلى تحصيل الحسان من الزوجات، قد جعل ذلك دابه، ولو قدر ما ترك على ظهرها من دابه. أول ما علمته من حاله أنه كان مباشراً في القلاع الحلبية وبعض الثغور، ثم إنه حضر مع المباشرين في نوبة لولو غلام قندس سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، وسلمهم الملك الناصر محمد إليه، فتولى عقابهم وصب على هذا بهاء الدين سوط عذاب، انحل به جسده وأذاب، ثم أخذهم وتوجه بهم إلى حلب، ثم إنني بعد ذلك رأيته في حماة وهو بها ناظر، وكنا قد توجهنا لتلقي الأمير سيف الدين طقزتمر من حلب لما رسم له بنيابة دمشق، فبالغ في إحسانه، وتفضل من يده ولسانه. ثم إنه صرف منها وتوجه إلى مصر.
ورسم له بنظر النظار بدمشق، فحضر إليها في أوائل شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين وسبع مئة عوضاً عن القاضي مكين الدين بن قروينة، ولم يستقم له بدمشق حال مع النائب الأمير سيف الدين طقزتمر بواسطة أستاذ داره.
ثم إنه توفي في عاشر شعبان سنة ست وأربعين وسبع مئة - رحمه الله تعالى - ودفن بمقابر الشيخ أرسلان.
وكان قد اعتكف في شهر رمضان بالجامع الأموي، فأنشدني من لفظه لنفسه القاضي شهاب الدين بن فضل الله: