وكان في الفقه رأساً. تخرج به جماعة، وكان العلم به في إذاعة من غير إضاعة. وكان يهضم قدره، ولا يعرف الناس أمهر، فإنه كان في مدارس تلاميذه معيداً، وقد جعل الله بينهم وبينه بوناً بعيداً. وعنده إخلاص وورع، وما ترك هضبة من الخشوع حتى اعتلاها وفرع.
ولم يزل على حاله إلى أن فرغ الأجل، وجل به أمر الله عز وجل.
وتوفي رحمه الله تعالى في تاسع جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وسبع مئة، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة، وشيعه خلق كثير، وجمعٌ غزير.
إسماعيل بن محمد بن عبد الله
القاضي الكبير الرئيس، أبو الفداء، ابن القاضي شرف الدين ابن الصاحب فتح
الدين بن القيسراني.
كان موقع الدست بالقاهرة، ثم إن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أخرجه إلى حلب كاتب سرّ في أيام الأمير علاء الدين ألطنبغا. وصل إليها في أوائل شوال سنة أربع عشرة وسبع مئة، فباشر الوظيفة على القالب الجائر، وأجرى الله بسعده فيها الفلك الدائر، وضاق بالنائب عطنُه، وصار فيها الغريب معه وهي وطنه، وكثر له الحسدة، وجاءه كيد أعاديه وحشده، وأوهموا الأكابر الذين في مصر منه، وبلعُوهم ما اختلقوه عنه، فساعدوا الحلبيين على عزله، ونقض غزله.
وحضر هو وأولاده إلى دمشق، ورُتب فيها موقع الدست كبيراً، وجُعل ولداه