في كتاب الإنشاء سراجاً وقمراً مُنيراً، ومال إليه آخر الأمر تنكز وأحبه، وملكه خاطره ولبه.
وكان يدناً خيراً صيناً، يعصب لمن يقصده، ويراقب عونه ويرصده، يُؤثر الفقراء ويودّهم، ويقوم معهم إلى أن يُقبل حظهم وجدهم.
وكان حسن المحاضرة، متعَ المذاكرة، يستحضر من حكايات الصالحين جُمله، ويتولى من أمرها حمله، لو جلست معه ثلاثة أيام بلياليها لأورد عليك جملة من أماليها.
وكان وهو بالديار المصرية يحضر السماع، مع ما عنده من العزلة والانجماع، وعليه فيه أنس وحركة، ويرى الناس منه في ذلك خيراً وبركة.
وروى عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وغيره. وحدث بدمشق.
ولم يزل بدمشق إلى أن نزل الموت بابن القيسراني قسراً، وجعل العيون بالحزن عليه حسرى.
وتوفي رحمه الله تعالى في ثالث عشر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وسبع مئة، وكانت جنازته حفلة، ودفن بمقابر الصوفية.
اجتمعت به - رحمه الله تعالى - بدمشق غير مرّة، والتقطتُ من إنشاده غير درّة، وأولاني من خيره وجبره الإحسان والمبرة. ولما توفي - رحمه الله تعالى - كنت بالديار المصرية، فكتبت إلى ولده القاضي شهاب الدين يحيى - رحمه الله تعالى - أعزيه فيه، يأتي ذكر ذلك فيما بعد.