هذا سليمان: وقد أوتي مزماراً من مزامير داود، والحافظ الذي يعرب إنشاده، والفصيح الذي يعلو به النظم إن شاده. لو سمعه الصرصري لعلم أنه فيما يورده متبصر، ويحقق أن السامعين له إذا بكوا وخضعوا عرانيق ماء تحت باز مصرصر كم حرك ساكن القلوب بلفظه البديع، وأجرت عبارته العبرات من بحره السريع، وجعل المحافل رياضاً لأنه أبو الربيع، فليؤذن آذاناً إذا سمعه الركب أقام، وقالوا: هذا المؤذن الذي للناس كلهم إمام، والله يرزقنا شفاعة من يجلو علينا مدائحه، ويفيض علينا في الدنيا والآخرة منائحه، بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
وكان قد حضر بعض أفاضل العصر من مصر ورأى ما يفعله علم الدين المذكور من الإنشاد في المجامع، فأنكر ذلك، وأنشدني:
أهل دمشق منهم ... قد ضاع مالا يوجد
فكلّما تجمّعوا ... يقوم فيهم منشد
قلت: هذا خطأ فاحش في التصريف، فإنه يقال: نشد الضالة فهو ناشد، وأنشد قصيدة فهو منشد، وأنت هنا تريد من نشدان الضالة فهو حينئذ ناشد.
[سليمان بن عمر بن سالم]
ابن عمرو بن عثمان الشيخ الإمام قاضي القضاة جمال الدين الزرعي