وكان يتجر في الكتب، وعنده كتب كثيرة جداً، وإذا طلب منه إنسان كتاباً نهض إلى كتبه، وأخرجه من بينها. وإن كان الكتاب عدة مجلدات، وطلب منه الأول مثلاً أو الثاني أو الثالث أو غيره أخرجه بعينه. وكان يمس الكتاب أولاً، ثم يقول: يشتمل هذا المجلد على كذا كذا كراسة، فيكون الأمر كما قال: وإذا مر بيده على الصفحة قال: عدد أسطرها كذا كذا سطراً، فيها بالقلم الغليظ هذا وهذا، المواضع كتبت به، وفيها بالأحمر هذا وهذا، المواضع كتبت به. وإن اتفق أنها كتبت بخطين أو ثلاثة، قال: اختلف الخط من هنا إلى هنا، من غير إخلال بشيء منها مما يمتحن به.
وكان لا يفارق الإشغال والاشتغال في غالب أوقاته، وللناس عليه إقبال عظيم لدينه وورعه.
ومن تصانيفه: جواهر التبصير في علم التعبير، وله تعاليق كثيرة في الفقه والخلاف وغير ذلك. وانتفع به جماع.
[علي بن أحمد بن سعيد]
ابن محمد ابن الأثير، القاضي الكبير الصدر علاء الدين أبو الحسن بن القاضي تاج الدين الحلبي الأصل ثم المصري، صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية أيام السلطان الملك الناصر محمد.
وكان السلطان لما توجه في المرة الأخيرة إلى الكرك توجه القاضي علاء الدين معه فأقام عنه مدة، ووعده بالمنصب، وأعاده إلى القاهرة. ولما قدم السلطان من الكرك أباع القاضي علاء الدين إكديشا كان عنده بمئة وعشرين درهماً، واشترى بذلك